(دفاع) بتعويضه بمبلغ ٦٠٠ ألف جنيه عن فصله تعسفياً من العمل.
حيث كان يعمل مدرسا بإحدى المدارس الخاصة منذ ١٩٩٦ وترقى بها حتى أضحى مديرها التنفيذى، وعندما تم التحفظ على المدرسة بزعم أن أصحابها من الاخوان، ظل موكلى كما هو مديراً تنفيذياً لها خاصة أنه غير منتمى لأى أحزاب أو تيارات سياسية، وبعد سنة فوجىء موكلى بأن أمن المدرسة يمنعه من دخولها حيث صدرت تعليمات بذلك من المدير العام المعين من الحكومة بمنعه من الدخول، وتصادف أن ذلك اليوم كان فى آخر أيام الشهر ولم يقبض آخر راتب له، فخرجت موظفة الحسابات وسلمته آخر راتب له كمدير تنفيذى للمدرسة فى الشارع، وأمام باب المدرسة، وأمام عدد من الموظفين والعاملين بها، وبعض أولياء الأمور الذين تصادف وجودهم بالمدرسة، فى مشهد حزن له الجميع.
وبعد أن أخبرنى موكلى بما حدث قمنا بتحرير محضر إثبات حالة، وطلبت من موكلى تقديم شكوى لمكتب العمل إلا أن مدير المكتب رفض، وقال له أن المدرسة تحت تحفظ لجنة قضائية ومقدرش، فقمت برفع دعوى مباشرة أمام المحكمة العمالية، ضد المدرسة، ووزير العدل ووزير التربية والتعليم ولجنة التحفظ ومجموعة مدارس ٣٠ يونيه التى تتولى إدارة المدارس المتحفظ عليها.
لكن بعد اعلان المدرسة بالقضية، أرسلت لموكلى خطابين يحملان على المظروف الخارجي خاتم البريد بتاريخ واحد، وفى الورق الداخلى بالمظرف إنذارات بأنه متغيب عن العمل دون سبب أو عذر قانونى والإنذارات تحمل تواريخ مختلفة، ومن خلال ختم البريد أثبتنا للمحكمة أن الإنذارات الداخلية وهمية وتواريخها على المظروف الخارجي تثبت أنها بعد رفع دعوانا وتحريرنا محضر بمنعه من الدخول للمدرسة.
أثناء نظر القضية أمام المحكمة فى أول درجة حضر معنا للشهادة حول الواقعة موظفين بالمدرسة إلا أن محكمة أول درجة أصدرت حكم برفض الدعوى بزعم أنه متغيب عن العمل ولم تلتفت المحكمة لمحضر إثبات الحالة ولا شهادة الشهود والتى كانت فى صف موكلى، ولا للتناقض ما بين مظروف الانذار وختم وتاريخ مكتب البريد والورق الداخلى بالمظروف.
فقمنا باستئناف الحكم وطلبنا سماع شهود جدد فضلاً عن الشهادات التى تم سماعها فى أول درجة، وعرضنا على محكمة الاستئناف إنذارات المدرسة والتناقض الوارد بها ، وبالفعل استمعت المحكمة لشهود جدد أكدوا نفس شهادة الشهود القدامى، وجميعهم عاملين سابقين وحاليين بالمدرسة، وشاهدوا وعاصروا الواقعة، ولما تبين لدفاع المدرسة اقتناع المحكمة بما نقول، قرروا تغيير استراتيجيتهم فى الدفاع وزعم محامى عن الادارة التعليمية فى مرافعته أن سبب إنهاء عمل موكلى هو فساده المالى، وجاء هذا الزعم هدية من المولى عز وجل لاقناع المحكمة بحجم الظلم الذى تعرض له هذا الرجل فطلبت إثبات ذلك بمحضر الجلسة، وهو ما استجاب له القاضى، كما قدم محامى الحكومة مذكرة تتحدث عن الفساد المالى وأنه سبب إنهاء علاقة العمل، فقدم مكتبى للمحكمة حوافظ مستندات بها كافة المذكرات التى تقدمت بها الحكومة وممثل لجنة التحفظ على الأموال والادارة التعليمية فى أول درجة، وجميعها تذكر أن سبب إنهاء علاقة العمل هو تغيبه عن العمل وليس الفساد المالى كما يزعمون أمام محكمة الاستئناف، وأن هذا الزعم لم تذكره المدرسة فى أيا من أوراق القضية المستمرة منذ ثلاث سنوات إلا اليوم فقط، بل طالبنا بإلزامهم بتقديم ما يفيد التحقيق مع موكلى بشأن أيا من وقائع الفساد المزعومة سواء كان تحقيق إدارى بالمدرسة أو بالادارة التعليمية أو بالنيابة الادارية أو تحقيق جنائى بمعرفة النيابة العامة أو صدور أى حكم بشأن أيا منها ضده، وبالطبع عجزوا عن ذلك، وأضحت كل الشواهد تؤكد صدق دعوانا وأن الرجل تم فصله تعسفياً من عمله، وأن ما تدعيه المدرسة مجرد مزاعم واهية لا سند لها أو دليل عليها، فقضت المحكمة بإلغاء حكم أول درجة والحكم لنا بجميع مستحقاتنا والبالغ قدرها ٦٠٠ ألف جنيه.
ساعات كل محكمة تقرأ أوراق القضية من منظورها وتشكل عقيدتها وفق قناعاتها وضميرها، وبالطبع ممكن تكون النتيجة مختلفة من قاضى لآخر، ولهذا قرر المشرع أن يكون التقاضى على درجتين (أول درجة، ثم الاستئناف) ليحكم فى القضية دائرتين مختلفتين، ويتاح للخصوم أن يقدموا دفاعهم أمام كل محكمة للتيقن من أن الحكم الصادر فى الدعوى يحقق العدالة القضائية.
وممكن ما يستند إليه خصمك لإدانتك يكون سبب حصولك على حقك وإقناع المحكمة بصدقك وكذب خصمك.
وممكن تغيير استراتيجية الدفاع من أحد الخصوم تقلب القضية لصالحه أو ضده
(١) عجز المدرسة عن تقديم أى دليل حقيقى على تغيب العامل .
(٢) تقديم مستندات العامل وشهوده اللى أكدوا انه لم يتغيب عن العمل بل تم منعه من دخول المدرسة.
(٣) الإنذارات الوهمية والتناقض بين خاتم وتاريخ ختم البريد على المظروف الخارجي والتواريخ بالأوراق التى بداخل المظروف والمحررة بمعرفة المرسل.
(٤) تناقض دفاع المدرسة والحكومة ومحاولتهم التجويد أمام محكمة الاستئناف بادعاء وجود فساد دون دليل على دعواهم لمحاولة تدمير صورة موكلى أمام المحكمة على عكس دفاعهم أمام محكمة أول درجة الذى زعم تغيبه عن العمل فقط، وعجزهم عن تقديم أى دليل يفسر هذا التناقض أو يفسر تأخرهم فى طرحه بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على نشأة النزاع.
ربنا أراد فى نهاية رمضان وقرب العيد إنه يرفع عن هذا الرجل الظلم اللى تعرض له، ويرد إليه حقوقه بعد غياب، وبعد ما ظن إنها مش هترجع، فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.