جريمة الاتفاق الجنائي محاولة للفهم
تعد جريمة الاتفاق الجنائي كجريمة قائمة بذاتها من أبرز الجرائم التي شهدت جدل فقهى وقانونى ودستوري، فالتجريم والعقاب يقوم على مادية الفعل المنسوب للمتهم سواء كان إيجابي أو سلبي، بمعنى أن يكون قد ارتكب سلوك أو امتنع عن أداء سلوك من الواجب قانونا عليه اتخاذه، بهدف ارتكاب جريمة على نحو يمكن وصفه أن شرع في ارتكابها، باعتبار هذا السلوك المادي من الأعمال التحضيرية للجريمة.
أما قيام شخصين أو أكثر بالاتفاق على ارتكاب جريمة دون أن يتبع هذا الاتفاق أي سلوك مادي سواء كان إيجابي أو سلبي يمكن وصفه بأنه عمل من الاعمال التحضرية لارتكابها، فذلك يعنى أنه ليس هناك فعل مُجرم يمكن نسبته إليهم، وأن ما تم بينهم هو مجرد حديث وحوار وتشاور تلاقت فيه ارادتهم لكن لم يرتكبوا أي جريمة.
إلا أنه نتيجة لملاحقة شباب وكوادر الحركة الوطنية المصرية عام 1910 والتي كانت تناهض الاحتلال البريطاني لمصر تبنى المشرع -وقتها- نصًا يعاقب على الاتفاق الجنائي كجريمة قائمة بذاتها حتى لو لم يعقبها المتهمين بأي فعل مُجرم، وذلك بموجب المادة 47 مكرر من قانون العقوبات الأهلي.
وظل الجدل والنقاش الفقهي والدستوري والقانوني بشأن هذه الجريمة دون توقف حتى بعد تعديل رقمها من 47 مكرر إلى المادة 48 من قانون العقوبات، ولم يتوقف هذا الجدل إلا في 2 يونية 2001 بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة 48 من قانون العقوبات بموجب الحكم في الطعن رقم 114 لسنة 21 قضائية دستورية.
وكان المجتمع القانوني المصري يظن أن هذه الجريمة قد تخلص منها دون رجعة، لكن تفاجئ الجميع بقانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 يعيد هذه الجريمة للوجود من جديد بموجب نص المادة 30 منه، وقد استندت إليها النيابة في أوامر الإحالة أكثر من مرة، كما استند إليها القضاء في حيثيات العديد من أحكامه.
فما هي جريمة الاتفاق الجنائي، وكيف ظهرت في التشريع المصري، والمبادئ التي أرستها المحكمة الدستورية العليا بشأنها، وما هو نص المادة 30 بقانون الإرهاب 94 لسنة 2015، وأركان جريمة الاتفاق الجنائي، وعناصر هذه الجريمة وكيفية التعامل معها.
لذلك أعددنا هذه الورقة لمحاولة فهم جريمة الاتفاق الجنائي، ويمكن الاطلاع عليها من خلال هذا الرابط: