محكمة عمالية تقضى بعدم الاعتداد باستقالة صيدلى وتمنحه تعويض الفصل التعسفي

تعود وقائع الأحداث الى قيام صيدلي بتقديم استقالة تحت ضغط وإكراه معنوى من شركة الادويه التى يعمل بها ، وبعد أن تواصل مع فريق مكتبنا فى اليوم التالى لتقديم استقالته أوضحنا أحقيته فى الرجوع عن الاستقالة وطريقة إثباتها، حيث طلبنا منه إرسال تلغرافات مسجلة بعلم الوصول للشركة يخطرها بعدوله عن الاستقالة، وطلبنا منه أن يذهب إلى العمل فى اليوم التالى ويصطحب معه شهود حتى لو تم منعه من الدخول يكونوا شهود على الواقعة، ويتوجه لمكتب العمل لتحرير محضر إثبات حالة، ويقدم شكوى لمكتب العمل، والذى لم يتمكن من تسوية النزاع دويا بين الصيدلى وشركة الأدوية بالعاشر من رمضان، فتم إحالة القضية للمحكمة وحملت رقم في الدعوى رقم ١٢٤٤ لسنه ۲۰۲۲ عمال كلي بلبيس، وتداولت أمام الدائرة الرابعة عمال برئاسة المستشار/ حسن عثمان وعضوية المستشار / منير عبد المولى الصاوى والمستشار/ أحمد طاهر، وتم إحالتها لخبراء وزارة العدل بعد أن قدمنا صوراً رسمية من التلغرافات المسجلة بعلم الوصول، ومحضر إثبات الحالة، كما تم إحالتها للتحقيق وسماع شهود طرفى الدعوى، وانتهت المحكمة إلى أن الاستقالة قد تراجع عنها العامل وفق نصوص القانون، ومنعه من العمل يعد فصل تعسفى، وقضت لصالح العامل بتعويض الفصل التعسفي مادياً ومعنوياً، ومنحه مقابل مهلة الإخطار، والمقابل النقى لرصيد إجازته التى لم يحصل عليها.
وعن التطور التشريعى لتنظم الاستقالة والعدول عنها ذهبت المحكمة إلى:
(فلما كان من المقرر قانونا بنص المادة ۱۱۹ من قانون العمل رقم ۱۲لسنة ۲۰۰۳ المعدل بالقانون ١٨٠ لسنة ٢٠٠٨ أن (لا يعتد باستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة، وللعامل المستقيل أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة، وفي هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن).
وحيث ان هذا النص مستحدث بشأن العدول عن الاستقالة حرص المشرع على وضعه في قانون العمل الجديد فلا يقابله نص في قانوني العمل ١٣٧ لسنة ۱۹۸۱ ولا ۹۱ لسنة ۱۹۵۹. وقد جاء بشأن ذلك في المذكرة الإيضاحية للقانون الجديد.” …. كما اشترط للعدول عنها مدة أسبوع للتأكد من أن قرار العامل بإنهاء التعاقد كان قراراً مدروساً لم يصدر عن انفعال وقتي ترتب على استثارته “. وقد خرج فيه المشرع عن القواعد العامة التي تقضي بأن الاستقالة تنتج أثرها في إنهاء عقد العمل بمجرد تقديمها دون تعليق على قبول صاحب العمل لها.
وقد وضعت هذه المادة أصلاً لتلافي ما يحدث عملاً من بعض أصحاب الأعمال من الحصول على استقالة مسبقة من العامل عند التعيين ويواجهه بها في أي وقت من الأوقات. تصريح السيد وزير القوى العاملة والهجرة بمجلس الشعب أثناء مناقشة المادة والثابت بمضبطة الجلسة ٥٥ جلسة مساء يوم الأحد 23/3/2003 ص (٥٢)
وقد قضت محكمة النقض – قبل صدور القانون – بأنه : ” تجيز المادة ٢/٦٩٤ من القانون المدني لكل من طرفي عقد العمل غير المحدد المدة أن يضع حدا لعلاقته مع المتعاقد الآخر بإرادته المنفردة وهو حق لا يقيده سوي سبق الإخطار في الميعاد الذي حدده القانون أو التعويض عنه اذا لم يتم وإذ كانت المادة ٨٠ من القانون ٩١ لسنة ۱۹٥٩ تنص على أنه يجوز للعامل بعد إعلان صاحب العمل طبقا للمادة ٧٢ أن يستقيل من العمل ، فان الاستقالة تكون إنهاء للعقد بالإرادة المنفردة وتتم بمجرد تقديمها، ومن ثم فلا يحول دون إعمال أثرها التأشير عليها بالحفظ من رب العمل أو قول المطعون ضده أن الطاعن ما زال موظفا لديه بعد أن أنهى الطاعن عمله بإرادته المنفردة باستقالته منه. (الطعن رقم ٤٩٦ لسنة ٣٧ ق جلسة ١٩٧٤/٣/٢٣ س ٢٥ ص ٥٣١)
إلا أن القانون خرج على هذه القاعدة بنص صريح، فقررت المذكرة الإيضاحية للقانون ۱۲ لسنة ٢٠٠٣ ٠ … مع ملاحظة أن القواعد العامة تقضي بأن الاستقالة لا تنهي العقد بمجرد تقديمها من العامل ولا ترتب أثارها إلا من تاريخ موافقة صاحب العمل، ولذلك فقد استقر الفقه على أن المشرع أوجب على صاحب العمل أن يخطر العامل بقبول الاستقالة المقدمة منه ولم يحدد طريقة الإخطار إلا انه يتعين أن يكون بطريقة تكفل ثبوت إخطار العامل ويكون للعامل حق العدول عن الاستقالة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره وتحتسب المدة من تاريخ ثبوت إخطاره لا من تاريخ تقديمه للاستقالة.(التعليق على قانون العمل المستشار / محمود زاهر ص ٦٣٢ ٦٣٣٠ ).
وعن تطبيق قواعد الاستقالة على مفردات النزاع ذهبت المحكمة إلى:
وحيث أن الثابت للمحكمة أن المدعى قد أبرق الشركة المدعى عليه بصفتها بموجب برقية رسمية يفيد عدوله عن الاستقالة المقدمة منه قبل الميعاد القانوني لنفاذ آثار الإستقالة القانونية قبل فوات أسبوع من تاريخ التقدم بالإستقالة المدعى عليه بصفته، وهو الأمر الذي تطرح معه المحكمة لتلك الاستقالة جناباً وتمشي قدماً في نظر الدعوى دونها، وحيث أن الثابت للمحكمة أن المدعى قد قرر بصحيفة دعواه أنه تم منعه من الدخول للعمل عقب عدوله عن الاستقاله الأمر الذى تم نفيه من المدعى عليه بصفته واستجلاء من المحكمة لوجه الرأى في الدعوى أحالت الدعوى للتحقيق واستمعت لشاهدى طرفي التداعى بشأن الواقعة واطمئنت لشهود المدعى بشأن أن المدعى تقدم باستقالته للشركة المدعى عليها وعدل عن تقديمها وأنه تم منعه من الدخول للعمل عقب عدوله عن الاستقالة، وهو الأمر الذي تستخلص معه المحكمة من جماع ما سبق أن المدعي تم فصله تعسفيا، وهو الأمر الذي يستحق معه المدعي والحال كذلك التعويض عن واقعة فصله تعسفاً، فإن المحكمة تقدر التعويض الجابر وفقاً لنص المادة ۱۲۲ من قانون العمل عن تلك الأضرار المادية، ولما كان المدعي قد طالب بصحيفة دعواه عن الضرر الأدبي أيضاً، وهو الأمر الذي لا يسع المحكمة سوى أن تقضي في ظله بإلزام المدعى عليه بصفته بأداء مبلغ وقدره(……… ألف جنيه) تعويضاً مادياً وأدبياً عن فصل المدعي تعسفياً على نحوما سيرد بالمنطوق.
الاطلاع على الحيثيات كاملة وتحميلها يكون من خلال هذا الرابط: