التعليق علي مشروع قانون الإجراءات الجنائية

الإجراءات الجنائية…. محاولة للفهم

قراءة نقدية لبعض نصوص مشروع قانون الإجراءات الجنائية

 

 

نقدم هذه الورقة لمحاولة فهم قانون الإجراءات الجنائية، من خلال تناولنا لخمسة عناصر:

العنصر الأول: أهمية قانون الإجراءات الجنائية،

العنصر الثاني: موقفنا من جمع النيابة العامة بين سلطتي التحقيق والاتهام،

العنصر الثالث: رؤيتنا للحبس الاحتياطي والتدابير التحفظية والاحترازية،

العنصر الرابع: تقديرنا لنظرية البطلان التي انحاز إليها المشروع،

العنصر الخامس: قراءة نقدية لبعض نصوص مشروع قانون الإجراءات الجنائية، لعل هذا الإسهام يساعد في إثراء الحوار المجتمعي بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية المصري.

فريق دفاع

سبتمبر 2024

  لقراءة الورقة بصيغة بي دي أف وتحميلها يرجي الضغط هنا أو النزول لأخر الصفحة

العنصر الأول: أهمية قانون الإجراءات الجنائية:

قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية هما المرتكز الرئيسي لمنظومة العدالة الجنائية، وكفالة الحق في محاكمة عادلة ومنصفة، فهما وجهان لعملة واحدة لا انفصام بينهما، ومهما بلغ قانون العقوبات من الدقة في تحديد الجرائم، وأركانها، وتقدير العقوبات المناسبة لها، فكل هذا النجاح يظل إطاراً نظرياً مجرداً، ما لم يقابله تنظيماً إجرائياً فعالاً ينقل قانون العقوبات من حالة السكون إلى حالة التطبيق على نحو يحقق المصلحة الاجتماعية في جميع صورها من خلال التوازن بين حماية المجتمع من مرتكبي الجرائم، وحماية الشخص الذي ُيتهم بارتكاب جريمة يتعرض فيها شرفه للخطر، وحريته للمساس بها، في ظل قاعدة دستورية أصيلة بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته1.

وقانون الإجراءات الجنائية ليس قانون عقابي أو جزائي أو تأديبي، وإنما هو قانون ينظم القواعد والإجراءات منذ وقوع الجريمة وحتى نفاذ كافة آثار العقوبة المقضي بها بحكم نهائي أو بات، ومن ثم يجب أن يتم ذلك من خلال احترام كافة حقوق وحريات المواطنين الدستورية، لأن كفالة تلك الحقوق لا يتجلى من الناحية العملية إلا من خلال الإجراءات الجنائية المطبقة والتي قد تتعرض لتلك الحقوق، ومن ثم يسمح المشرع بهذا التعرض على نحو ضيق ومؤقت واستثنائي وموضوعي للكشف عن الحقيقة، وبما يضمن عدم استغلال تلك النصوص في غير أغراضها أو ينال من الحقوق الدستورية تحت زعم الكشف عن الجرائم ومعاقبة مرتكبيها.

ولذلك تؤكد المحكمة الدستورية العليا أن إقامة هذا التوازن في الإجراءات الجنائية على نحو بالغ الدقة لا يخرج عن مقتضيات الخصومة الجنائية، ولا يجاوز حدودها، وأن هذا التوازن لازماً لتحقيق المحاكمة الجنائية العادلة التي يتطلبها الدستور، وأنه بهذه المثابة من مقومات مبدأ الشرعية الدستورية والإجرائية، وضروري، في الوقت ذاته، لضمان اندماج المواطن في المجتمع وشعوره بذاته، ونهوضه بواجباته، ولوضع الضمانات التي تحمى من التعسف، وتصون من التحكم.

وعن فرضية البراءة أكدت المحكمة الدستورية على (.. ولا يجوز الفصل في اتهام جنائي بما يخل بالحد الأدنى من الحقوق التي يتعين ضمانها لكل متهم، والتي يندرج تحتها أصل البراءة كقاعدة جوهرية ترد عن المتهم كل اتهام لا يقوم على ساق من خلال شبهة لا يتوافر بها الحق فيه. فلا ينال الاتهام ولو كان جديامن أصل البراءة، ولا ينهدم كذلك بناء على جريمة لم يقوم الدليل عليها، أيا كان قدر خطورتها، أو سوء تقبل الناس لها، أو منافاتها لقيم درجوا على التزامها، وإنما يظل الاتهام قلقا إلى أن يفصل فيه بحكم قضائي يصير باتا).2

ان افتراض براءة الشخص من التهمة الموجهة إليه، لا يعدو أن يكون استصحابا للفطرة التي جُبل الانسان عليها، وشرطا لازما للحرية المنظمة يكرس قيمها الأساسية. وهو كذلك وثيق الصلة بالحق في الحياة، وبدعائم العدل التي تقوم على قواعدها النظم المدنية والسياسية جميعها3.

ويذهب الدكتور عوض المر إلى (.. وهذه البراءة، وباعتبارها جزءا من خصائص النظام الاتهامي لا يجوز تعليقها على شرط يحول دون إنفاذ محتواها، ولا تعطيلها من خلال اتهام ولو كان جديا، ولا نقضها سواء بإعفاء النيابة العامة من التزامها بالتدليل على صحة اتهامها، أو عن طريق تدخلها للتأثير دون حق في مسار الدعوى الجنائية، ومن ثم كفلتها المادة 67 من الدستور لكل متهم، مرددة بها نص المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والفقرة الثانية من المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية..)4

كما أن الحق في محاكمة عادلة ومنصفة يُفترض أن يحول دون اساءة استخدام الاجراءات الجنائية أو تشويه أهدافها، فيذهب الدكتور عوض المُر إلى (ولا يجوز أن تخل هذه القواعد – سواء في مضمونها أو عموم تطبيقاتهالا يجوز أن تخل بالحد الأدنى لتلك الحقوق التي لا يطمئن المتهم مع غيابها إلى الفصل في الدعوى الجنائية بطريقة منصفة…)5.، ثم يؤكد الدكتور عوض المُر أن (العدالة لا تعتبر محض قيمة نظرية، وإنما يتعين أن يلمسها المتهم وأن يعايشها ويشهدها ببصره)6.

فضلاً على أن أي ضمانة دستورية أو قانونية لم تأتى من رياح الصدف، ولا كانت جزء من عطايا الأكرمين أو منحهم، بل هي غرس من نضال ودماء وآلام الشعوب والضحايا، وثمرة كل من كابدوا من أجل رعايتها ونموها واشتداد عودها، لتستوي ركناً بازخاً ترتكز عليه مفترضات العدالة والانصاف، فالتبصير بصحيح القانون، والغوص في بحر التراث، وتجليه ما غمض من النصوص7، ووضع قاعدة تطبيقية كحد أدنى لا يجوز النزول عنها، لم يكن يقف أبداً عند البحث عن إرادة من وضعوا النص فقط، ولا عند حدود تفسيرات وقراءات من أُلقى على عاتقهم تطبيقه، لكنه بالأساس كان بحثاً في مقتضيات الشرعية الجنائية وأصولها، بل وتطويع النصوص الإجرائية بما يحمى ويصون تلك الشرعية دعماً لحقوق الإنسان وقد تناضل من أجل هذه الغايات كل المشتغلون بالقانون في كل ربوع المعمورة، عبر سنوات وعقود وقرون من حياة البشرية.

ولم تكن مصر بحضارتها وعراقة شعبها بعيدة عن هذا العطاء الإنساني، بل كانت أحد ركائزه، وحتى وإن مر عليها في تاريخها فترات من الظلامية أو الشمولية أو التسلطية أو الرجعية شأنها شأن غيرها من الدول، إلا أن نضال وتضحيات شعبها قديماً وحديثاًوبحثه عن الحق والخير والعدل والحرية كالشمس الساطعة لا ينكرها إلا الجاحدون.

ومصادر القواعد القانونية التي تطبق في المحاكم لم ولن تقف عند النص المكتوب (التشريع)، فالنهوض برسالة العدالة المقدسة يستلزم دوماً تطبيق القانون بمفهومه الواسع سواء كانت القاعدة مكتوبة أو غير مكتوبة، فالقانون الطبيعي لا يعتبر نتاج عمل يصدر عن الدولة وأجهزتها، بل هو مجموعة من القيم السابقة في وجودها على القواعد القانونية الوضعية، وهي قيم جوهرها العدل، وتعرضها أو تعلنها الوثائق الحقوق، ولا تنشئها، وينظر إلى الإخلال بها باعتباره من صور الاضطهاد التي تجب مقاومتها8. وكان منطقيا أن تنظر كافة الوثائق الدستورية والحقوقية إلى الحقوق الطبيعية بوصفها حقوقاً لا تتقادم، ولا يجوز النزول عنها، وترقى في أهميتها إلى حد تقديسها9.

لذلك فإن هؤلاء الذين صاغوا بأفكارهم ومنطقهم وعباراتهم الأسس والمبادئ التي تدعم العدل والحرية، في أبحاثهم أو مذكرات دفاعهم وعرائض صحفهم أو حيثيات أحكامهم كان انطلاقا لآفاق تكون بذاتها عاصماً من جموح السلطة أو انفلاتها، وبما يحدد للجماعة إطاراً لمصالح تصون بها مقوماتها10، هم أكثر البشر علماً بأن النصوص لا تأتى من فراغ ولا تتنزع مفاهيمها عنوة، ولا تتساقط من مكان مجهول، بل تمهد لها أفكار سابقة عليها، وتحرض على تبنيها، وتدعوا لها، سواء جاء ذلك علنا أو متسترا في قوالب آخري.

العنصر الثاني: لماذا نعارض النصوص التي تتيح للنيابة الجمع بين سلطتي التحقيق والاتهام:

من خلال نصوص قانوني السلطة القضائية والإجراءات الجنائية يمكن حصر اختصاصات النيابة في ثلاثة مراحل:

حيث تنص المادة 21 من قانون السلطة القضائية على أن تمارس النيابة العامة الاختصاصات المخولة لها قانوناً. ولها دون غيرها الحق في رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك

ونصت المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 على تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ولا ترفع من غيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون

ونصت المادة الثانية من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 على يقوم النائب العام بنفسه أو بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة بمباشرة الدعوى الجنائية كما هو مقرر بالقانون

وعلى هذا النحو فإن المراحل الثلاثة لتفصيل اختصاصات النيابة العامة هي:

المرحلة الأولى: اختصاص النيابة العامة في مرحلة جمع الاستدلالات، وإجراءات هذه المرحلة لا تقوم بها النيابة العامة بنفسها، وإنما يقوم بها مأموري الضبط القضائي تحت إشراف ورقابة النيابة العامة حيث أن قانون السلطة القضائية قد نص في المادة 22 منه على أن مأمورو الضبط القضائي يكونوا فيما يتعلق بأعمال وظائفهم تابعين للنيابة العامة، ومن ثم فإن للنيابة العامة اختصاص أصيل في الرقابة على أعمال القائمين بإجراءات جمع الاستدلالات، والاشراف الفعلي على العمل في مرحلة جمع الاستدلالات.

المرحلة الثانية: اختصاص النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية، حيث تختص النيابة العامة بتحريك الدعوى الجنائية اختصاصاً أصيلاً، وإن كان القانون قد جعل لبعض الجهات الأخرى هذا الاختصاص في حالات معينة، وتحريك الدعوى الجنائية بمعرفة النيابة العامة يكون باتخاذها أول إجراء من إجراءات التحقيق، أو بإحالة المتهم مباشرة إلى القضاء في الجنح والمخالفات إذا تراءى لها ذلك، فإن رأت إجراء تحقيق في الجريمة أو كان القانون يوجب عليها ذلك، كما هو الحال في الجنايات، فهي تقوم به وفقاً للأحكام المقررة لقاضى التحقيق. ولها وفقا لنصوص القانون أن تندب مأموري الضبط القضائي للقيام ببعض إجراءات التحقيق.

والتحقيق يعنى الكشف عن الحقيقة، سواء كانت ضد المتهم أو في صالحه، ويستلزم الحيدة في إجرائه.

المرحلة الثالثة: اختصاص النيابة العامة بالإحالة إلى القضاء ومباشرة الدعوى الجنائية، حيث تختص النيابة بإحالة المتهم الذى يتبين من نتيجة التحقيق أن أدلة إدانته كافية إلى القضاء، وإذا تم ذلك فإنها تقوم أيضا بتمثيل الاتهام في الدعوى الجنائية أمام المحكمة التي تمت إحالة المتهم أمامها سواء كان تحريك الدعوى ضد المتهم بناء على إجراء منها أو من غيرها ممن لهم حق تحريك الدعوى الجنائية مثل المدعى المدني في حالة الدعوى المباشرة، فالنيابة هي المختصة بطلب توقيع العقاب على المتهم وتقديم كافة الأدلة إلى المحكمة ومن ثم فهي خصم للمتهم وليست طرف محايد..

 ومن خلال استعراض اختصاصات وإجراءات تلك المراحل يتضح التعارض بين أدوار النيابة المختلفة طالما تجمع بين سلطتي التحقيق والاتهام، وكان إصدار مشروع قانون جديد للإجراءات الجنائية فرصة مهدرةلإعادة الأمور لنصابها الصحيح بفصل سلطة التحقيق عن سلطة الاتهام لاختلاف طبيعة كل منها عن الأخرى اختلاف جوهري، فمرحلة جمع الاستدلالات تشرف عليها النيابة العامة وتراقب التزام مأموري الضبط القضائي بنصوص القانون في كل إجراءات هذه المرحلة، أما مرحلة التحقيق فتتولاها النيابة بنفسها حتى لو انتدبت أحد مأموري الضبط للقيام ببعض إجراءات التحقيق شأن المعاينة مثلاً تحت إشرافها وتوجيهها، وهنا تسعي النيابة للوصول إلى الحقيقة وتقف على قدم المساواة بين أطراف الدعوى الجنائية معتصمة بحيادها، لتتحول فجأة بعد إحالة المتهم للمحاكمة إلى خصم له، وتطالب بتوقيع أقصى العقاب عليه، وهكذا حملنا النيابة بأدوار متعارضة وجعلناها تجمع بين سلطتي التحقيق والاتهام.

وهنا يثور التساؤل ماذا تفعل النيابة إذا ترأى لها أثناء المحاكمة وقبل صدور الحكم فيهاأن الأدلة التي قدمتها ضد المتهم قد انهارت وأن المتهم لم يرتكب هذا الفعل، فهل تستمر في طلب الحكم على المتهم على النحو الوارد بأمر الإحالة الصادر منها، أم تلتزم الصمت وتترك الأمر للمحكمة، أم تطلب من المحكمة تبرئته لكونها خصم شريف يسعى للوصول للحقيقة وملاحقة مرتكب الجريمة الفعلي.

هناك من يرى أنه بصدور أمر الإحالة أضحت الدعوى الجنائية بحوزة المحكمة، وأن النيابة في هذه المرحلة ليس من حقها طلب البراءة للمتهم لأن ذلك يتعارض مع دورها في تلك المرحلة من ناحية، ومن أخرى هو اعتراف ضمني منها بقصورها في التحقيقات.

في حين يري الدكتور محمود نجيب حسنى، أن النيابة طرفا محايداً، ويتجلى وجه حيادها في أنها لا تعاند أو تكابر إذا ظهر من مجريات المحاكمة أن الأدلة قبل المتهم قد انهارت، بل يجب أن تطلب الحكم ببراءة المتهم. (يراجع الدكتور محمود نجيب حسنى شرح قانون الاجراءات الجنائية 1998 ص 81).

فالمسألة الجنائية إذا أضحت أغلب إجراءاتها تحت سلطة جهة واحدة تملك وحدها الحق في جمع الأدلة وتقديرها والتحقيق في الوقائع والإحالة ومباشرة الدعوى فإن افتقاد العدالة الجنائية من المحتمل أن يصبح حصادا لا فكاك منه.

ولذلك ذهب أعلام الفقه القانوني الإجرائي إلى أن اختصاص النيابة العامة بالتحقيق أمر محل نقد، إذ لا يجوز لسلطة ما أن تجمع بين يديها اختصاص التحقيق واختصاص الاتهام أمام المحاكم. إذ يكون لممثل الاتهام صفة الطرف في الدعوى الجنائية، بينما يكون لمن يختص بالتحقيق صفة الحياد، ولا يمكن الجمع بين الصفتين في شخص واحد. (يراجع الدكتور/ محمود مصطفى شرح قانون الاجراءات الجنائية طبعة 1988 ص 260، ويراجع في ذات المعنى الدكتور/ عبد الرءوف مهدى شرح القواعد العامة في الاجراءات الجنائيةطبعة 2011- دار النهضة العربية ص 393: 396).

العنصر الثالث: الحبس الاحتياطي والإجراءات التحفظية والاحترازية:

تيح المشرع عدد من الإجراءات التي تنال من حقوق وحريات المواطنين تحت زعم الكشف عن الحقيقة، منها القبض على المشتبه به/المتهم وتفتيشه، وحبسه احتياطياً لمدد قد تصل إلى سنتين، والمنع من السفر دون حد زمني أقصي، التحفظ على الأموال دون حد زمني أقصي، مراقبة الاتصالات والرسائل بكافة أنواعها بل وتسجيل اجتماعات للمواطنين في الأماكن الخاصة دون حد زمني أقصي في الجرائم السياسية وجرائم الإرهاب، والوضع على قوائم الكيانات الإرهابية لمدة خمس سنوات ويمكن مدها لمدد أخري دون حد زمني أقصي.

فالحبس الاحتياطي هو سلب حرية شخص تم اتهامه بارتكاب جريمة فترة من الزمن بإيداعه أحد السجون أو مقار الاحتجاز لحين إتمام تحقيق يجرى معه، والأصل في الحبس باعتباره سلباً للحرية أنه عقوبة، وبالتالي يجب ألا يوقع إلا بحكم قضائي بعد محاكمة عادلة تتوفر فيها للمتهم ضمانات الدفاع عن نفسه، وذلك إعمالاً لأصل عام من أصول المحاكمات الجنائية بل حق من حقوق الانسانهو أن الأصل في الانسان البراءة، ومع ذلك أجازه المشرع للمحقق في التحقيق الابتدائي بصفة احتياطية بمجرد أن يبدأ التحقيق أو أثناء سيره، فالحبس الاحتياطي إجراء من إجراءات التحقيق، ويتعارض مع أصل البراءة المفترض في الانسان. فهو إجراء بالغ الخطورة يتعين أن يحيطه المشرع بضمانات كبيرة، ويتعين ألا يلجأ إليه المحقق إلا لضرورة ملجئه.11

والحبس الاحتياطي من أخطر الإجراءات الجنائية التي تتخذ قبل المتهم في مرحلتي التحقيق والمحاكمة لأنه يترتب عليه مساس مباشر بحق الإنـسان في الحرية الذي كفله الدستور، لذلك وخلال فترة الحبس الاحتياطي أيضاوخلال كل مراحل الدعوي الجنائيةلا يجب تجاهل فرضية أن المتهم بريء حتي تثبت إدانته، فهذه الفرضية تلازم المتهم طوال تلك المراحل وحتي صدور حكم نافذ بإدانته.

لذلك ليس غريباً على كل المشتغلين بالقانون أن يبحثوا عن الحدود التي تتم فيها ممارسة الحرية الشخصية، ومدى التوازن الذي حققه المشرع بين كل من مبدأ الأصل في المتهم البراءة، والحق في الحرية الشخصية من ناحية، ومقتضيات مصلحة التحقيق وحماية أمن المجتمع، معبراً عن وجهة نظر المجتمع في إطار ضمانات مهمة رسمها الدستور والقانون للتعبير عن جوهر الحق في الحرية الشخصية وأن الأصل في المتهم البراءة.

يذهب المستشار الراحل عبد العزيز محمد إلي أن (من المسلمات أن الحرص على مواجهة الخارجين على محارم القانون لا يسمو على مراعاة ما أوجبه من إجراءات وما كفله من ضمانات)12.

في حين أكد الدكتور أحمد فتحي سرور إلى أن الحبس الاحتياطي إجراء بالغ المساس بالحرية الشخصية، وقد كان له ماضٍ ملوث شهد إساءة استخدامه في كثير من الدول، خاصة في النظم التسلطية التي تتفوق فيها حقوق السلطة على حقوق الفرد، فبمقتضى هذا الإجراء يُودع المتهم في السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها، ويتعرض لانتهاك كرامته الانسانية التي كان يتمتع بها إبان كان طليق السراح، وهو ما يحتم التدقيق في مراعاة درجة التناسب بين آلام الحبس الاحتياطي ومصلحة المجتمع13 .

كما أن حماية الملكية الخاصة ومنع الأفراد من التصرف في أموالهم يجب أن يكون في مدة ضيقه، وألا يتحمل المشتبه فيه/ المتهم ضريبة بطء الإجراءات أو عجز النيابة عن تحصيل الدليل الذى يعينها على إحالته للمحاكمة، وخاصة في ظل سياسية الشمول المالي التي تستلزم وضع كل الأموال بالبنوك، وأن تكون عمليات الشراء والبيع والحصول علي الخدمات الحكومية من خلال كارت بنكي، ودفع الكتروني، وفاتورة الكترونية، الأمر الذى يجعل من إطالة مدة التحفظ على الأموال ومنع التصرف فيها بمثابة إعدام مدنى للمشتبه فيه/ المتهم أو وأسرته رغم أنه مازال بريء ولم يصدر ضده أي حكم.

فضلاً على أن حرية التنقل من أهم أوجه الحرية الشخصية، وقد حظيت بالحماية الدستورية في كافة الوثائق الدستورية المصرية، كما تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويأتي المساس بحرية التنقل بإجراء القبض أو الحبس الاحتياطي، والادراج على قوائم الكيانات الإرهابية، وإصدار قرار بالمنع من السفر دون حد زمني أقصي مما يعصف بهذا الحق الدستوري..

وأحد أبرز خلافتنا الحقيقية مع مشروع قانون الإجراءات الجنائية هو الذهنية التي يتم بها صياغته لكونها تتجاهل وتسقط الفارق الكبير بين النص العقابي والنص الإجرائي، فذهنية صياغة النص العقابي تقوم على ملاحقة الأِشرار الذين ارتكبوا الجرائم، أما ذهنية صياغة النص الإجرائي فيجب أن تقوم على حماية الشرفاء وصون حقوقهم وحرياتهم الدستورية، وألا يكون التعرض لها إلا في أضيق نطاق، واقل مدة ممكنة، بغية الوصول للحقيقة، وليس للتنكيل بالمواطنين أو لقهرهم أو لفرض الصمت عليهم تحت زعم الكشف عن الجرائم ومرتكبيها.

العنصر الرابع: بطلان الإجراءات:

إذا كان الأصل في الإنسان البراءة، حتى لو تم اتهامه بارتكاب جريمة، يظل بريء، حتي تثبت إدانته بحكم قضائي واجب النفاذ، تتوافر فيه ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، وإذا كانت حقوق الانسان وحرياته الأساسية والدستورية من عدم جواز القبض عليه أو تفتيشه إلا بإذن، وحقه وحريته في التنقل، وحرمة منزله، وحماية حياته الخاصة، واتصالاته، واجتماعاته الخاصة، وحماية ملكيته الخاصة، وضمان تمتعه بها، والتعامل معه على نحو يحفظ كرامته وانسانيته، فإن تطبيق بعض الإجراءات الجنائية التي يتم التعرض فيها لهذه الحقوق فضلاً على ضرورة النص أن تكون تلك الإجراءات في أضيق نطاق وفي أقل مدةيجب أن يتم هذا التعرض وفق نصوص القانون، وإذا خرج القائمون على إنفاذ القانون عن جوهر ومضمون هذه النصوص فيجب أن يترتب علي ذلك بطلان هذا الإجراء، وبطلان كل ما بُني عليه، ولا يمكن التذرع بأن ذلك قد يؤدى لإفلات مرتكب الجريمة من العقاب، لأن الإفلات هنا لم يأتي نتيجة خطأ المواطن أو المشتبه فيه أو المتهم بل جاء نتيجة خطأ القائم على تنفيذ القانون، ومن ثم بدلاً من النيل من الحقوق الدستورية للمواطنين يجب السعي لتدريب القائمين على تنفيذ القانون جيداً على كيفية إنفاذه على نحو مهني واحترافي لا يحط بكرامة المواطنين.

وبطلان الإجراءات، يعنى الجزاء المقرر لمخالفة القاعدة الإجرائية، فهل يتقرر هذا الجزاء عند مخالفة أي قاعدة إجرائية وردت بالقانون، كما هو في مذهب البطلان الشكلي، أم أن تقرير بطلان إجراء من الإجراءات إذا تم على خلاف القانون لا يكون إلا بنص خاص من المشرع، بمعني أن يحدد المشرع في نصوص القانون ماهية الإجراءات التي يترتب على مخالفتها البطلان، كما هو في مذهب البطلان التشريعي، أو أن يترك أمر البطلان لتقدير القاضي في كل حالة، كما هو في مذهب البطلان الذاتي.

المشروع أخذ بمذهب البطلان الذاتي ومذهب البطلان التشريعي، حيث نص على أن يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري، ولم ينص في المشروع على ماهية تلك الإجراءات الجوهرية، ومن ثم فقد ترك تحديد الإجراء الجوهري للقاضي، وفي نفس الوقت نص على أن يحق للقاضي ولو من تلقاء نفسه تصحيح أي بطلان يكون قد وقع، عن طريق قيام القاضي إعادة هذا الإجراء متي كان ذلك ممكناُ، كما نص صراحة في المادة 27 من المشروع على أن عدم ابراز رجال السلطة العامة ومأموري الضبط القضائي للكارنيه الخاص بهما وصفة الضبطية القضائية عند التعرض للمواطنين لا يترتب علي ذلك بطلان الإجراء واكتفي بترتيب جزاء تأديبي عليهم، في حين لم يأخذ المشروع بمذهب البطلان الشكلي إلا في الإجراءات التي يقوم بها المواطن، شأن الجنحة المباشرة التي يتم رفعها ضد الموظف الممتنع عن تنفيذ حكم قضائي، أو الذي قام بتعطيل تنفيذه بما له من سلطات، حيث أن المواطن مُلزم بأن يقوم بإنذارالموظف خلال ثمانية أيام فإن تجاوز هذه المدة فسوف يخسر قضيته لرفعها بغير الطريق الذى رسمه المشرع.

ونحن ننحاز الى مذهب البطلات الشكلي في شأن كافة الإجراءات التي تتعرض لحقوق وحريات المواطنين الأساسية في مرحلتي جمع الاستدلالات والتحقيق، وهى التي تشهد إجراءات التحري والقبض والتفتيش وبدء التحقيق وفض الأحراز والمعاينة والحبس الاحتياطي، وكافة الإجراءات التحفظية شأن التدابير الاحترازية والمنع من السفر والتحفظ على الأموال ومنع التصرف فيها، وخاصة أن المتهم في هذه المراحل يكون في أضعف حالاته، وعدم التزام رجال السلطة العامة أو مأموري الضبط بالإجراءات كما رسمها المشرع يكون لها أبلغ الأثر على إجراءات المحاكمة وحقوق المتهم.

وأن يكون الجمع بين نظرتي البطلان التشريعي والذاتي في مرحلة المحاكمة وحتى صدور الحكم وإنفاذ كافة آثاره.

العنصر الخامس: قراءة نقدية لبعض نصوص مشروع قانون الإجراءات الجنائية:

نتناول هنا التعليق على بعض نصوص قانون الإجراءات الجنائية، ومنها:

(١) المادة ٩ من المشروع تجعل للمحكوم له فقط رفع الدعوى الجنائية ضد موظف عام أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط الذين نسب إليهم ارتكاب الجريمة المنصوص عليها بالمادة ١٢٣ عقوبات (الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء أو تعطيل تنفيذها)

وهو ما يخالف نص المادة (١٠٠) من دستور ٢٠١٤

فلما كانت إجراءات رفع هذه الدعوى الجنائية شديدة التعقيد لارتباطها بمواعيد ضيقة، وانذار وإعلان المتهمين في محال إقامتهم والتي قد تكون مجهولة للمحكوم له مما يؤدي إلى تعثره في إقامة تلك الدعوى، أو يرفعها دون مراعاة الإجراءات التي نص عليها القانون مما يؤدي في النهاية إلى القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه المشرع.

لذلك حرص الدستور في مادته رقم ١٠٠ على أن الدعوى الجنائية ضد الموظفين أو المستخدمين العموميين أو رجال الضبط الذين امتنعوا عن تنفيذ أحكام القضاء أو عطلوا تنفيذها يكون رفع الدعوى الجنائية ضدهم من المحكوم له مباشرة إلى المحكمة المختصة. أو يتم تحريكها عن طريق النيابة العامة بناء على طلب المحكوم له ضد الموظف الممتنع عن تنفيذ الحكم أو المتسبب في تعطيله، وذلك لأن المشرع الدستوري أراد إتاحة طريق الدعوى المباشرة للمحكوم له متي أراد القيام بكافة اجراءاتها مباشرة، وأتاح له أن يقدم طلب للنيابة لتتولي هي تحريك الدعوى الجنائية وذلك لتخفيف تلك الإجراءات عن كاهل المجني عليه وتحميلها للنيابة، وحتى لا يفلت مرتكبي تلك الجريمة من العقاب، وكان من الواجب أن يأتي نص المادة ٩ متوافقاً مع المادة ١٠٠ من الدستور، ولكن ذلك لم يحدث.

(٢) المادة ١٥ تحمل صياغة عامة ومطاطه على نحو يناهض المبادئ الدستورية في الصياغات العقابية، فالنص يجيز لمحكمة الجنايات بدرجتيها أو محكمة النقض إذا وقعت أفعال (خارج الجلسة) من شأنها (الإخلال بأوامرها، أو بالاحترام الواجب لها، أو التأثير في قضاتها، أو الشهود) وكان ذلك في صدد طلب أو دعوى منظورة أمامها أن تقيم الدعوى الجنائية على المتهم..

فعبارة (خارج الجلسة) غير محددة النطاق هل يقصد بها من يقفوا على باب القاعة التي تنظر الجلسة، أم يقصد بها كل ما هو خارج قاعة الجلسة أي يشمل المجتمع كله وفضاءه العام بما في ذلك أحاديث المجتمع سواء كانت من خلال الصحف أو وسائل التواصل الاجتماعي أو غيره

فضلاً على أن عبارة (أو بالاحترام الواجب لها) أي الاخلال بالاحترام الواجب للمحكمة، وكذلك عبارة (التأثير في قضائها)، فما هي معايير هذا الإخلال أو التأثير؟! وكيف يكون هناك قاعدة موضوعية وليست شخصية يمكن من خلالها تحديد مظاهر هذا الإخلال أو التأثير.

مما يستلزم اعادة النظر في تلك المادة لتحديد العبارات على نحو أكثر دقة دون إخلال بحرية الرأي والتعبير والحق في المعرفة وحرية تداول المعلومات.

(٣) المادة ١٦ تتيح القضاء بعقوبة مالية حتى عند انقضاء الدعوى الجنائية حتى لو كان انقضاء الدعوى بسبب موت المتهم، فالجريمة شخصية والعقوبة أيضا شخصية، بمعنى أن أي جريمة يرتكبها شخص يكون العقاب على هذا الشخص فقط، فقد تحكم المحكمة برد الأشياء أو الأموال المنسوب للمتهم الاستيلاء عليها فهذا مفهوم ومنطقي، لكن كيف يكون المتهم قد توفى ومع ذلك تقضى المحكمة عليه بعقوبة مالية، أليس في ذلك خروجاً صارخاً على مبادئ التجريم والعقاب، ففي هذه الحالة من الذي يقع عليه تنفيذ هذه العقوبة؟! وخاصة إن لم يكن المتهم قد ترك أي أموال للورثة.

(4) المادة 21 من المشروع تتناول أوضاع الصلح بين المجني عليه والمتهم، وورد في بداية المادة خطأ مادي يحتاج إلى تعديل حيث نص المشروع على أنه (يجوز للمجني عليه ووكيله الخاص) وهنا النص يلزم بأن يكون التصرف منهما معاً ويحرمهم من أن يكون لهما منفردين أيضاً، وأعتقد أنه خطأ مادي يحتاج لتعديل لتكون الصياغة (يجوز للمجني عليه أو وكيله الخاص…).

(5) المادة ٢٢ التي تنظم التصالح في جرائم الاعتداء على المال العام والعدوان عليه والغدر، وهي تقابل المادة ١٨ من القانون ١٦ لسنة ٢٠١٥ بتعديل قانون الإجراءات الجنائية، وهذه المادة من أسوأ مواد قانون الإجراءات منذ ٢٠١٥ وحتى صياغتها في المشروع برقم ٢٢ لأنها تشجع على الفساد ولا تحاربه، كما لا يتحقق بهذه الصياغة أي ردع خاص أو عام، فتسمح بارتكاب جرائم العدوان على المال العام ثم التصالح على هذه الجريمة مما يؤدي لانقضاء الدعوى الجنائية بكل أوصافها أي بكل ما ارتبط بها من جرائم أخري.

غاية المشرع لا يجب أن تقف عند رد المال الذي تم العدوان عليه، فذلك قد يتناوله الحكم، بل يجب أن تكون هناك قواعد تردع المتهم من ارتكاب مثل هذه الجريمة، وتردع كل من تسول له نفسه ارتكابها، فأين الردع إذا كانت تلك المادة تكفل التصالح في أي حالة تكون عليها الدعوى، حتى لو صدر حكم نهائي من محكمة الجنايات المستأنفة أو حكم بات من محكمة النقض، ويتم وقف تنفيذ الحكم نهائياً.

وهنا يكمن السؤال لماذا يضع المشرع قواعد للتصالح في قانون الكسب غير المشروع رقم ٦٢ لسنة ١٩٧٥ وتعديله رقم ٩٧ لسنة ٢٠١٥، ثم يضع قواعد مغايرة في التصالح على جرائم الاعتداء على المال العام والعدوان عليه والغدر.

واقترح أن يتم الغاء المادة ٢٢ من المشروع ويوضع عدد من المواد بدلا منها تتوافق مع القواعد الواردة بالقانون ٩٧ لسنة ٢٠١٥ بحيث تحل النيابة العامة محل جهاز الكسب غير المشروع في جرائم الاعتداء على المال العام والعدوان عليه والغدر، وهو ما يساعد في تلافي العيوب الواردة على المادة ٢٢ من أربعة مستويات:

المستوي الأول: هو وضع عدة مواد تشتمل على قواعد تفصيلية للتصالح وخطواته وآثاره على نحو يحقق الاعتبارات المختلفة (رد المال المتعدي عليه وريعه، الردع الخاص، الردع العام، ويحرم المتصالح من الترشح لمجلسي النواب والشيوخ، ومن تولي الوظائف العامة).

المستوي الثاني: أن يتم السماح لورثة المتهم والمحكوم عليه ووكيلهما الخاص أن يتقدم بطلب التصالح، فالمادة ٢٢ تستبعد الورثة ووكيلهم الخاص من تقديم هذا الطلب.

المستوي الثالث: أن تكون خطوات التصالح تحت اشراف النيابة العامة، وليس رئيس الوزراء، فالمادة ٢٢ تجعل التصالح من خلال لجنة إدارية يشكلها رئيس الوزراء، ومن ثم تخضع في اجراءات التصالح للمواءمات السياسية والإدارية على نحو ينال من قواعد العدالة المفترضة، ومحضر التصالح الذي يحرر بين الأطراف يكون له قوة السند التنفيذي، وتصبح النيابة في هذه الحالة ملزمة باستكمال اجراءات التصالح سواء بانقضاء الدعوى الجنائية إذا كانت مازالت قيد التحقيق أو وقف التنفيذ إذا صدر حكم ولم يكن بات، واذا كان الحكم بات تقدم النيابة لمحكمة النقض طلب مشفوع بالمستندات ومذكرة برأيها للتيقن من أن اجراءات التصالح تمت على النحو الذي رسمه المشرع في هذه المادة حتى يصدر حكم من النقض بوقف تنفيذ الحكم نهائياً.

المستوي الرابع: التدرج في العقاب حسب وقت التصالح (اثناء التحقيق، قبل صدور حكم أول درجة، قبل صدور حكم ثان درجة، قبل صدور حكم النقض، بعد صدور حكم النقض) ونقترح أن يكون التدرج على النحو التالي:

إذا قدم طلب تصالح أثناء التحقيقات يرد المبلغ الذي اعتدي عليه وريعه وغرامة تعادل نصف المبلغ المعتدي عليه، وإن قدم طلب التصالح أثناء نظر القضية أمام محكمة أول درجة يرد المبلغ وريعه مع غرامة تعادل مثل المبلغ المعتدي عليه، وإن تقدم بطلب التصالح أمام محكمة ثان درجة يرد المبلغ وريعه وغرامة تعادل مثلي المبلغ المعتدي عليه، وإن تقدم بطلب تصالح أمام النقض يرد المبلغ وريعه وغرامة تعادل ثلاثة أمثال المبلغ المعتدي عليه، وإن تقدم بطلب الصلح بعد صدور حكم النقض يرد المبلغ وريعه وغرامة تعادل أربعة أمثال المبلغ المعتدي عليه.

وفي جميع الأحوال يحرم المتهم أو المحكوم عليه من مباشرة حقوقه السياسية، ومن تولي الوظائف العامة حتى لو رد إليه اعتباره.

(6) جميع المواد المرتبطة بالأحكام الغيابية سواء في الجنح أو الجنايات تتضمن قواعد جديدة، فمن المفترض أن الحكم الغيابي، يظل غيابي ولا يرتب آثار إلا استحقاق القبض على المتهم، وعند القبض عليه يقوم بالتوقيع على أوراق المعارضة أو إعادة الإجراءات أي إعادة المحاكمة، وما أن يوقع على تلك الأوراق يصبح الحكم الغيابي والعدم سواء لأن المتهم لم يعلم به، ولم يتمكن من الدفاع عن نفسه، وينتظر المتهم المحاكمة الجديدة والتي ينفذ حكمها في مواجهته بكافة آثاره،

لكن المشروع الجديد يهدر مبدأ المواجهة وهو أحد أهم أركان المحاكمة العادلة والمنصفة (أي أن أواجه المتهم بالتهم المنسوبة إليه وأدلتها ليتمكن من تقديم دفاعه والرد عليها) حيث ينص المشروع الجديد على أن الحكم الغيابي يترتب عليه حرمان المتهم من التصرف في أمواله أو إدارتها، وحرمانه من رفع دعاوي قضائية باسمه، وكل تصرف أو التزام قام به أو التزم به يقع باطلاً من نفسه، (وهو ما يسبب أضرار للغير حسن النية الذي تعامل مع المتهم الذي صدر ضده حكم غيابي)

كما ينص القانون على قيام المحكمة الابتدائية الواقع في دائرتها أموال المتهم بناء على طلب النيابة أو ذوي المصلحة بتحديد حارساً قضائياً لإدارتها.

كما ينص المشروع على أن ينفذ من الحكم الغيابي كل العقوبات التي يمكن تنفيذها.

(7) المادة ٢٥ من المشروع توسعت في تحديد من هم مأموري الضبط على نحو أكثر اتساعاً مما هو وراد في القانون الحالي، فبعد أن كان قاصرا على مديرو وضباط وأمناء ومساعدو الشرطة أضاف المشروع لهم:

مراقبو ومندوبو الشرطة وضباط الصف ومعاونو الأمن.

مراقبو ومندوبو الشرطة وضباط الصف ومعاونو الأمن العام بوزارة الداخلية وفي إدارات وشُعب البحث الجنائي.

مراقبو ومندوبو الشرطة وضباط الصف ومعاونو الأمن بقطاع الأمن الوطني.

وهو توسع دون مقتضي لمنح كل هؤلاء صفة الضبطية القضائية.

ونقترح أن مديرو، وضباط، وأمناء، ومساعدو، ومراقبو ومندوبو الشرطة وضباط الصف ومعاونو الأمن بقطاع الأمن الوطني وفروعه ومكاتبه على مستوي الجمهورية، وكذلك نظرائهم قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية، وفي إدارات وشعب البحث بوزارة الداخلية، أن تكون الضبطية القضائية لهم في دوائر اختصاصهم وليس على مستوى الجمهورية كما هو وارد في المشروع، شأن أعضاء النيابة العامة ومعاونوها حيث يتمتعوا بصفة مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم فقط وليس على مستوي الجمهورية.

(8) المادة ٢٧ من المشروع سارت على ذات النهج وتوسعت في تعريف رجل السلطة العامة عن طريق اضافة فقرة جديدة للمشروع لم تكن موجودة بالمادة المقابلة في القانون الحالي والتي تحمل رقم ٢٤ مكرراً

فالمادة ٢٧ عرفت رجال السلطة العامة في تطبيق أحكام القانون بأنهم كل شخص منوط به قانوناً المحافظة على النظام والأمن والآداب العامة، وحماية الأرواح والأعراض والأموال وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها وتنفيذ ما تفرضه عليه القوانين واللوائح من واجبات.

وتتضح خطورة هذا التوسع في تواكب مع التوسع في تعريف مأموري الضبط القضائي، وخاصة أن القانون يتيح لمأموري الضبط القضائي مرؤوسيهم ورجال السلطة العامة أن يتعاملوا مع المواطنين بهذه الصفة وإذا لم يبرز للمواطن ما يثبت شخصيته وصفته عند ممارسته لعمل من أعمال الضبط أو السلطة العامة لا يترتب عليه بطلان هذا العمل أو الاجراء ويكتفي بتوقيع جزاء تأديبي عليه فقط.

ولذلك أقترح أن يتم تعديل المادة ٢٧ لتنصّ على:

  1. بطلان العمل أو الإجراء إن لم يقم رجال الضبط القضائي ومرؤوسيهم ورجال السلطة العامة بإبراز ما يثبت شخصيتهم وصفاتهم عند التعامل مع المواطنين.

  2. أن يكون تعريف رجال السلطة العامة في تطبيق أحكام القانون: بأنهم كل شخص منوط به قانوناً ما تفرضه عليه القوانين واللوائح من واجبات.

(9) المادة 31 من المشروع تتيح لمأموري الضبط القضائي القيام بعمل من أعمال التحقيق حتى لو لم تنتدبهم النيابة للقيام بهذا العمل، حيث نصت على أنه يحق لمأموري الضبط القضائي في مرحلة جمع الاستدلالات وسماع أقوال من يكون لديه معلومات عن الوقائع أن (… يستعينوا بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة ويطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة..) ويجوز له تحليف هؤلاء الشهود أو الخبراء اليمين تحت زعم أن يكون هناك تخوف من سماع شهادتهم فيما بعد بيمين، وذلك كله دون توضيح معايير هذا التخوف أو أسبابه أو حالاته.

فمرحلة جمع الاستدلالات تقوم على جمع معلومات وسماع أقول من لديه معلومات عن الوقائع، أما الاستماع إلى خبراء، كتابة، وتحليفهم اليمين فهو من أعمال التحقيق التي تختص بها النيابة، ولا يجوز منح مأموري الضبط تلك الصلاحيات.

كما نقترح أن يقتصر مثل هذا الأمر على مأموري الضبط القضائي من ضباط الشرطة حتى يكون من دارسي القانون والحاصلين على ليسانس حقوق، لأنه في ظل التوسع الوارد بالمادة 25 من المشروع في تعريف مأموري الضبط يًفهم من صياغة النص على النحو الوارد بالمشروع أنها سلطة جوازيه لأي مأمور ضبط حتى لو كانت درجته أقل من ضابط شرطة شأن مساعدو أو معاونو أو مندوبو أو مراقبو الأمن.

(10) كل المواد المرتبطة بمرحلة جمع الاستدلالات من المادة 23 حتى المادة 61 تلاحظ فيها أمرين:

الأمر الأول: انه يستخدم كلمة المتهم، وهي كلمه خاطئة في هذه المرحلة فهو مجرد مشتبه فيه، ولا يمكن أن نطلق عليه وصف المتهم إلا بعد أن تستجوبه النيابة وتوجهه إليه الاتهام، أما قبل ذلك فهو مجرد مشتبه فيه، ولذلك أقترح استبدال كلمة (المتهم) بكلمة (المشتبه فيه) في المواد من 23 حتى 61 من المشروع.

الأمر الثاني: هناك غياب كامل لدور المحامي (الدفاع) في مرحلة جمع الاستدلالات، رغم أنها من أخطر مراحل الدعوى الجنائية، حيث أن محكمة النقض مستقرة على أنه (للقاضي أن يعول على اعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجنائية ولو في مرحلة جمع الاستدلالات..).

(11) المادة 39 في فقرتها الأولي تتيح لمأموري الضبط القضائي في أحوال التلبس أن يصدر أمر بالضبط والإحضار، وننحن نختلف مع صياغة هذه الفقرة على هذا النحو حيث نرى قصرها على مأموري الضبط القضائي من ضباط الشرطة وليس من درجة أقل، وأن ينص القانون أن يكون له القبض وليس إصدار أمر ضبط وإحضار لأن إصدار تلك الأوامر من سلطات النيابة، ولذلك نقترح أن تكون صياغة الفقرة الأولي على ( إذا لم يكن المتهم حاضراً في الأحوال المبينة في المادة 38 من هذا القانون جاز لمأمور الضبط القضائي من ضباط الشرطة أن يقبض على المتهم ويثبت ذلك في المحضر).

كما أننا نختلف مع صياغة الفقرة الأخيرة من المادة والتي أتاحت تنفيذ أوامر الضبط والإحضار والإجراءات التحفظية بواسطة أحد معاوني التنفيذ أو رجال السلطة العامة، وذلك لأن المشرع في المادة 25 توسع في منح صفة الضبطية القضائية لكل رجال الشرطة، كما أن تعريف رجال السلطة العامة الوارد بالمادة 27 يوضح أنهم ليسوا رجال شرطة لكن موظفين عموميين منحهم القانون سلطة تنفيذ نصوصه كلا في دائرة اختصاصه شأن مفتشو التموين الذين يحملون صفة الضبطية القضائية في التفتيش على المخابز، ولذلك نقترح أن تكون صياغة الفقرة الأخيرة على النحو التالي: (وفي جميع الأحوال تنفذ أوامر الضبط والإحضار والإجراءات التحفظية بواسطة أحد مأموري الضبط القضائي).

(12) المادة 40 نصت على تمكين المتهم من الاتصال بذويه ومحاميه، ونقترح في هذا الشأن أن تعدل تلك المادة إلى (تمكينه من الاتصال بذويه والاستعانة بمحاميه).

كما نقترح إضافة فقرة تتيح قيام مأمور الضبط بالاتصال بنقابة المحامين لانتداب أحد المحامين للمشتبه فيه إن لم يكن له محام.، وأن يتم إلزام مأمور الضبط القضائي بتمكين المحامي من الحضور عند قيامه بأي إجراء يتعلق بالمشتبه فيه سواء كان هذا الإجراء من أعمال جمع الاستدلالات أو من أعمال التحقيق التي أتاح المشروع لمأمور الضبط القضائي القيام بها، وأن يترتب على مخالفة ذلك بطلان الإجراء.

(13) نقترح إضافة مادة جديدة للمشروع تحمل مضمون المادة 51 من القانون الحالي حيث استبعدها المشروع رغم كونها تضيف ضامنة هامة في إجراءات التفتيش (يحصل التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك، وإلا فيجب أن يكون بحضور شاهدين، ويكون هذان الشاهدان بقدر الإمكان من أقاربه البالغين أو من القاطنين معه بالمنزل أو من الجيران، ويثبت ذلك في المحضر).

(14) المادة 47 تتيح لرجال السلطة العامة دخول المنازل وغيرها من المحال المسكونة في حالات الخطر أو الاستغاثة، أي دون حالة لاستصدار أمر قضائي مسبب، وهو نفس النص الوارد في الدستور، وحالات الاستغاثة مفهومة لأنها بناء على طلب صاحب المسكن، لكن هناك إشكالية في تحديد حالات الخطر، فإذا كانت طبيعة أغلب النصوص الدستورية تضع قواعد عامة مُجملة دون أن يتم تفصيلها، فإن دور التشريع أن يضع القواعد التفصيلية حتى لا يُساء استخدام القاعدة العامة الدستورية في غير الحالات التي قصدها المشرع، وحتى لا يكون النص التشريعي مجرد ترديد وتكرار للنص الدستوري.

ولذلك نرى أن كلمة (الخطر) تحتاج إلى تعريف واضح أو وصف حالات هذا الخطر التي يقصدها المشرع حتى لا يتم التوسع في هذا الاستثناء تحت مسمى الخطر، ولذلك نقترح تعديل المادة إلى (استثناء من حكم المادة 46 من هذا القانون لرجال السلطة العامة دخول المنازل وغيرها من المحال المسكونة في حالات الاستغاثة والخطر كالحريق والغرق).

(15) المادة 48 تجيز تفتيش الأثني بمعرفة أنثي ينتدبها مأمور الضبط القضائي لهذا الغرض، والتفتيش من شخص غير مختص بهذا العمل يعرض الاناث للعديد من الانتهاكات، لكون أن أنواع التفتيش مختلقة منها التفتيش القضائي الصادر بشأنه إذن من النيابة العامة، والتفتيش الإداري شأن التفتيش الذى يتم في حالات التلبس بالجريمة، والتفتيش الوقائي عند الدخول لمقار الاحتجاز وزيارات السجون، ولكل منهم إجراءات المختلفة، وقد تكون الاثني العادية التي تم انتدابها للقيام بالتفتيش ليست علي دراية بالفروق بين هذه الإجراءات، كما أنه في حالة تجاوزها للإجراءات المطلوبة منها لا يمكن مقاضاتها أو تقديم شكوي ضدها لأن بياناتها غير متوفرة لدى الضابط التي انتدبها، وذلك كله لا يكون مسجل في دفاتر يمكن الرجوع إليها، ولذلك نقترح أن تعدل الصياغة إلي (..وإذا كان المتهم أنثي، وجب أن يكون تفتيشها بمعرفة أنثي من مأموري الضبط القضائي، وأن يثبت ذلك في المحضر).

(16) المادة 49 من المشروع تتيح عند تفتيش المتهم وكان هناك شخص آخر موجود في المنزل أن يتخذ مأمور الضبط القضائي الإجراءات التحفظية المناسبة ضد هذا الشخص متي رأي أن هناك قرائن بأنه يخفي معه شيئاً يفيد في كشف الحقيقة، وأن يبلغ النيابة العامة فوراً لاتخاذ ما تراه مناسباً بشأنه.

وهذا المادة في القانون الحالي كانت تجيز تفتيش المتهم لكن محكمة النقض امتنعت عن تطبيق تلك المادة لكونها تناهض نصوص الدستور بموجب الحكم 20054 لسنة 74ق لأن هذا الشخص ليس في إحدى حالات تلبس بجريمة ما، وليس هناك أدلة على ارتكابه أي فعل مخالف للقانون، ومن ثم لا يجوز تفتيشه، فقام المشروع بحذف كلمة تفتيشه واستبدالها بعبارة (أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة، وأن يبلغ النيابة العامة فوراً لاتخاذ ما تراه مناسباً) ونحن نري أن صياغة المادة في المشروع على هذا النحو لا تصحح شبهة عدم الدستورية التي تعترى مادة المشروع لأن عبارة (اتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة) عبارة مطاطة، وتختلف في تطبيقها من مأمور ضبط قضائي لآخر في تحديد الاجراء المناسب من وجهة نظره، فضلاً على أن هذه العبارة لا تستبعد التفتيش لأن مأمور الضبط القضائي قد يقول أنه تفتيش وقائي لأطمئن أنه لا يحمل معه سلاح، إلى جانب أن كلمة قرائن أيضا مطاطة حيث يستطيع مأمور الضبط القضائي أن يعتبر تليفون المحمول الذى يحمله هذا الشخص أو اللاب توب بداخله ما يفيد في كشف الحقيقة فيقوم باتخاذ هذه الإجراءات مع أي شخص متواجد بمنزل المتهم عند تفتيشه.

ولذلك نقترح إلغاء تلك المادة لأنه يعرض غير المتهم لإجراءات تنال من حقوقه وحريات، أو تعديل الصياغة إلى (….يحوز لمأمور الضبط القضائي أن يأمره بعدم مبارحة المكان، وأن يبلغ النيابة العامة فوراً لاتخاذ ما تراه مناسباً). وذلك لتحديد الإجراء الواجب علي مأمور الضبط القضائي اتخاذه على نحو دقيق وواضح، وأن يبلغ النيابة بالقرائن التي يراها لتقرر النيابة إما الإذن له بتفتيش هذا الشخص والقبض عليه أو يتركه فورا لمبارحة المكان.

(17) المادة 53 الفقرة الأولى تنص على (يجوز لمأمور الضبط القضائي، أن يضبط الأشياء أو الأوراق التي يحتمل أن تكون قد استعملت في ارتكاب الجريمة، أو نتجت عن ارتكابها، أو وقعت عليها، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة.) ونقترح أن يضاف لهذه الفقرة عبارة (ويحرر بها محضر ويرسله للنيابة العامة لاتخاذ شئونها).

أما الفقرة الثانية من المادة فنقترح إلغائها حيث تنص على (وتوصف هذه الأشياء والأوراق وتعرض علي المتهم، ويطلب منه إبداء ملاحظاته عليها، ويحرر بذلك محضر يوقعه المتهم، أو يذكر فيه امتناعه عن التوقيع) لأن عرض المضبوطات على المتهم من أعمال التحقيق التي تقوم فيها النيابة بمواجهته بالأحراز عند سماع أقواله، ولا يجوز منحها لمأمور الضبط، وخاصة أن المتهم يكون في أضعف حالاته وبعيد عن محاميه، وقد يتعرض لضغوط معنوية أو إكراه من أي نوع للتوقيع علي مضبوطات لا تخصه.

(18) المادة 56 تعاقب من وصل إلى علمه بسبب التفتيش معلومات عن الأشياء والأوراق المضبوطة، وأفضى بها إلى أي شخص غير ذي صفة أو انتفع بها بأية طريقة كانت، يعاقب بالعقوبات المقررة بالمادة 310 من قانون العقوبات.

والعقوبة في المادة 310 الحبس مدة لا تزيد علي ستة أشهر أو بغرامة لا تجاوز 500 جنيه، ونري أن تلك العقوبات غير مناسبة ولا تحقق ردع، وخاصة أن العديد من العديد التي كان بها فيديوهات فوجئنا تسريبها على مواقع التواصل، الامر الذي يستدعي تغليظ تلك العقوبة لذلك نرى إلغاء عبارة (يعاقب بالعقوبات المقررة بالمادة 301 من قانون العقوبات) ويضاف بدلاً منها عبارة (يعاقب بالعقوبات المقررة بالمادة 309 مكرر أ من قانون العقوبات). لكونها تشدد العقوبة وتتدرج فيها من عقوبة الحبس على الإذاعة، وتسهيل الإذاعة واستعمالها ولو في غير علانية، وتعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور، وإن كان موظف عام يعاقب بالسجن.

(19) المادة 57 تتيح لمض ضبطت عنده أوراق وكان له مصلحة عاجلة فيها، تعطي له صورة منها مصدق عليها من مأمور الضبط القضائي.

والمادة جيدة حتى يكون لمن ضبطت من عنده الأوراق وأصبحت من أحراز القضية أن يحصل على صورة رسمية منها، لكن النص قصر ذلك على أن يكون التصديق عليها من مأمور الضبط القضائي، وقد يستحيل عليه ذلك إذا كانت هذه الأوراق أضحت بحوزة النيابة، ولذلك نري إضافة عبارة (.. أو من النيابة العامة حسب الأحوال).

(20) المادة 58 تتيح لمأموري الضبط القضائي حال قيامهم بواجباتهم أن يستعينوا مباشرة بالقوة العسكرية.

نختلف مع هذا النص لكونه يمنح رخصة خطيرة لأي مأمور ضبط دون تحديد درجته، ودون حصول على إذن من النائب العام، ونقترح تعديل المادة إلي:

(لمأموري الضبط القضائي من درجة مدير أمن حال قيامه أو مرؤوسيه بواجباتهم أن يستعينوا مباشرة بالقوة العسكرية بعد الحصول على إذن بذلك من النائب العام).

(21) المادة 59 تتيح للنيابة العامة وقبل بدء التحقيق إن رأت أن لا محل للسير في الدعوى أن تأمر بحفظ الأوراق.

ونرى إضافة عبارة في عجز هذه المادة وهي (بقرار مُسبب)، حتى يكون هناك تسبيب من النيابة لقرار الحفظ ليتمكن كل ذي شأن من التظلم منه وإكمال ما به من قصور.

(22) المادة 61 من المشروع تتيح للنيابة العامة في مواد الجنح رفع الدعوى الجنائية دون أن تقوم بالتحقيق مع المتهم، وتكتفى بما أرسله إليها مأمور الضبط القضائي في مرحلة جمع الاستدلالات، وهو أمر خطير أن يتم رفع الجنح دون تحقيق من النيابة، فالحبس في مواد الجنح قد يصل خمس سنوات، ولذلك نقترح تعديل المادة إلى أنه (يجوز للنيابة رفع الدعوى الجنائية بناء على الاستدلالات التي جمعت في الجنح التي لا تزيد عقوبتها عن ثلاثة أشهر)، أما جنح الحبس غير البسيط التي تزيد عقوبتها عن ثلاثة أشهر لابد من قيام النيابة بتحقيقها وألا تكتفى بما أرسله مأمور الضبط القضائي من استدلالات.

(23) المادة 62 من المشروع حتى تتوافق مع مقترحنا بتعديل المادة 61 تحتاج أيضا إلى تعديل حيث أن المادة 62 تنص على (يجب على النيابة العامة أن تجرى تحقيقاً في الجنايات، ولها أن تجريه في الجنح أو غيرها إذا رأت محلاً لذلك..)

ونقترح تعديلها لتكون (يجب على النيابة العامة أن تجرى تحقيقاً في الجنايات والجنح التي تزيد مدة عقوبتها عن ثلاثة أشهر).

(24) المادة 63 من المشروع أتاحت (يجوز تكليف أحد معاوني النيابة لتحقيق قضية بأكملها.

كما يجوز لعضو النيابة العامة من درجة مساعد نيابة عامة على الأقل أن ينتدب أحد مأموري الضبط القضائي للقيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم.

ويكون لمأمور الضبط المنتدب في حدود ندبه كل الصلاحيات المخولة لمن ندبه، وله أن يُجرى أي عمل آخر من أعمال التحقيق وأن يستجوب المتهم في الأحوال التي يخشى فيها فوات الوقت متى كان متصلاً بالعمل المندوب له ولازما في كشف الحقيقة.)

وهناك عدد من الملاحظات الجوهرية على هذه الصياغة:

الملاحظة الأولى: أن المشروع يتيح تكليف أحد معاوني النيابة لتحقيق قضية بأكملها، رغم أن معاون النيابة هو في بداية سلكه الوظيفي بالنيابة ولا يتمتع بالضمانات التي يتمتع بها باقي أعضاء النيابة لأنه الوحيد الذي يجوز فصله بغير الطريق التأديبي استناداً لنصوص المادتين 67، 129 فقرة أخيرة من قانون السلطة القضائية، ومن ثم حتى يمكن منح معاون النيابة تكليف بتحقيق قضية بأكملها يجب تعديل تلك المواد بقانون السلطة القضائية ليكون مستقل في أداء رسالته وغير خاضع لأي ضغوط وأخصها ألا يجوز فصله بغير الطريق التأديبي.

ويمكن قصر تكليفه عند التحقيق في قضية بأكملها على مواد الجنح.

الملاحظة الثانية: أنه يتيح لأحد مأموري الضبط الفضائي القيام بعمل من أعمال التحقيق أو أكثر، دون أن تنص المادة على الدرجة الوظيفية لهذا المأمور خاصة أن المادة 25 توسعت في تحديد من هم مأموري الضبط القضائي حيث تبدأ من درجة لواء حتى درجة معاون أمن، ونقترح أن يتم النص على أن يكون مأمور الضبط القضائي المنتدب للقيام بعمل من أعمال التحقيق يكون ضابط شرطة.

الملاحظة الثالثة: أن النص يتيح انتداب مأموري الضبط القضائي للقيام بعمل من أعمال التحقيق أو أكثر، وهوما يستلزم تحديد تلك الأعمال على نحو ضيق حتى لا يكون هناك توسع في انتداب مأموري الضبط في القيام بأعمال التحقيق شأن المعاينة مثلاً لأن تلك الأعمال هي اختصاص أصيل للنيابة، والنص هنا سمح بمنح تلك الصلاحيات لمأموري الضبط على سبيل الاستثناء، ومن ثم لا يجوز التوسع فيه أو تبنى صياغة تفتح الباب لهذا التوسع دون ضابط موضوعي وضرورة ملجئه.

الملاحظة الرابعة: أنه أتاح استجواب المتهم تحت زعم أن (أ)يخشى فوات الوقت (ب)لازما في كشف الحقيقة.

فالاستجواب هو أهم عمل من أعمال التحقيق، ولا يجوز منحه لمأموري الضبط تحت أي ظرف، بل يجب عليه في مثل هذه الحالات أن يسارع مأموري الضبط بإرسال المتهم للنيابة العامة لتقوم باستجوابه.

الملاحظة الخامسة: قد يكون من المتصور عقلاً النص على أن الخشية من ضياع الوقت هي التي تستدعى مثل هذا الإجراء، لكن ليس من المقبول أن يكون استجواب المتهم من قبل مأمور الضبط القضائي (لازما لكشف الحقيقة)، فهي عبارة تثير الشك والريبة، وتفتح الباب لتأويلات وتفسيرات عدة.

الملاحظة الخامسة: أن المادة تجاهلت النص على حقوق المتهم ودفاعه، إذا تم الاستجواب من خلال مأموري الضبط على النحو الوارد بهذه المادة، وإذا كان الرد علينا في هذه الملحوظة هي أن مأموري الضبط سيلتزم بنفس ضمانات وحقوق المتهم المنصوص عليها أمام النيابة شأن عدم جوز استجواب المتهم دون حضور محاميه أو انتداب محام له من نقابة المحامين وتمكين المتهم من الاتصال بذويه ومحاميه، وتلاوة حقوقه عليه كتابة وخاصة أن من حقه الصمت، وهنا تصبح حجة الخشية من ضياع الوقت هي والعدم سواء فلو كان للمتهم محام أو انتدبت له النقابة محام، وتم الاتصال به وقال أن سيتحرك فورا لحضور الاستجواب فهنا وجب انتظار المحامي، ويمكن خلال هذه المدة ارسال المتهم للنيابة ليتم استجوابه بمعرفتها.

(25) المادة 67 تنص على أن إجراءات التحقيق أو النتائج التي تسفر عنها سرية، ويستثني من ذلك البيانات الرسمية التي تصدر من سلطة التحقيق.

الأمر الذي يعرض كل من ينشر أي خبر عن إجراءات التحقيق أو نتائجه للمساءلة، لو كان هذا النشر على سبيل الرد على البيان الرسمي الصادر من سلطة التحقيق لأن الاستثناء الوارد على السرية سلطة التحقيق فقط، لذلك نري إلغاء هذه المادة لأننا نرى أن الغرض منها منع المتهم ودفاعه من الحديث علي الإجراءات التي قد يتعرضوا إليها في التحقيقات، ومن الصحافة من تناول القضايا ذات الشأن العام رغم عدم صدور قرار بحظر النشر.، وإن كان الهدف هو عدم إفشاء إجراءات التحقيق فنقترح تعديل الصياغة على النحو التالي (لا يجوز إفشاء إجراءات التحقيق أو النتائج التي تسفر عنها على نحو يضر بحقوق المتهم والمجني عليه، ويعاقب من يخالف ذلك بالعقوبات المقررة بالمادة 309 مكرر أ عقوبات)

(26) المادة ٦٩ تتيح للنيابة أن تجري التحقيق في غيبة الخصوم في حالتي الاستعجال أو متي رأت ضرورة لذلك في كشف الحقيقة، ويمكن لها بعد ذلك أن تمكنهم من الاطلاع إلا إذا رأت غير ذلك.

(27) المادة ٧٢ من المشروع تتيح لوكلاء الخصوم أن يقدموا للنيابة الدفوع والطلبات التي يرون تقديمها ولا يجوز لوكيل الخصم التحدث إلا إذا أذن له عضو النيابة بذلك، والمادة على هذا النحو تحرم المحامي من الكلام إلا إذا أذنت له النيابة بالحديث، كما أن المادة أسقطت حق وكلاء الخصوم في إبداء الملاحظات، واقترح تعديل المادة بأن تحذف عبارة الحديث بإذن وأن يضاف لهذه المادة الحق للمحامين في إبداء الملاحظات، وحتى يكون هناك توافق بين هذه المادة والفقرة الثالثة من المادة ١٠٤ من المشروع والتي تنص علي (..وللمحامي أن يثبت في المحضر ما يعن له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات..).

(28) المادة ٧٣ تعلق حق أطراف الدعوى الجنائية ووكلائهم في الحصول على صورة من التحقيقات عند انتهائها، على ألا يكونوا حاضرين التحقيق بناء على قرار صادر بذلك أو (إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك) وهذه العبارة مضافة بالمشروع ولم ترد بالقانون الحالي في مادته 84.

فضلاً على أن صياغة المادة 73 من المشروع تفتح الباب لتفسيرات وتأويلات مختلفة، فماذا لو كان الخصم أو المجني عليه لم يحضر التحقيق من تلقاء نفسه، هل يحق له الحصول على صورة أم لا يحق الحصول على صورة إلا لمن منع منهم من حضور التحقيق بناء على قرار صادر بذلك أو اقتضته مصلحة التحقيق.

ولذلك اقترح أن تعديل الفقرة الثانية المادة لتنصّ على (وفي جميع الأحوال يحق لهم الحصول على صور من الأوراق أيا كان نوعها عقب انتهاء التحقيقات).

(29) المادة 80 تتناول تنظيم مراقبة الهواتف والوسائط الالكترونية إذا ارتكبت جريمة من خلالهما، لكن يبدو أن هناك خطأ مادي في صياغة المادة لأنها تتحدث على الجرائم التي تقع بالمخالفة للمادتين 116 مكرراً، 308 مكرراً عقوبات، وبمراجعة المادة 116 مكررا عقوبات نجدها تتناول تجريم إضرار الموظف العام بالأموال، ولذلك نظن أن المقصود هو المادة 166 مكرراً عقوبات والتي تنظم تجريم ازعاج الغير باستخدام أجهزة المواصلات التليفونية، لذلك وجب تعديل هذا الخطأ المادي الوارد بالمادة 80 من المشروع باستبدال (المادة 116 مكررا عقوبات) بالمادة (166 مكرراً عقوبات).

(30) المادة 100 من المشروع تتيح للخبير المنتدب القيام بعمل الخبرة المنتدب بشأنه في غيبة الخصوم، ونرى أنه من الأفضل تعديل المادة للنص على إلزام الخبير بالاستماع للخصوم وتمكينهم من تقديم مستندات في مأمورية الخبرة المكلف بها، لأن ذلك يساعد على إيضاح الرؤية كاملة للخبير أثناء إعداد تقريره لأن الأوراق وحدها قد تكون عاجزة عن تقديم الصورة كاملة.

فضلاً على تأثير ذلك على إضاعة الوقت لأن عدم استماعه للخصوم يفيد أنه سوف يعد تقريره ويرسله للمحكمة، وحينها لا يكون أمام الخصوم إلا قبول التقرير أو الطعن فيه وطلب إحالة الأمر لخبير آخر نتيجة القصور الذي وقع فيه تقرير الخبير.

(31) المادة 102 من المشروع تتيح للخصوم رد الخبير، ولنا غبي هذه المادة ملاحظتين:

الملاحظة الأول: كيف للخصوم أن يعرفوا الخبير وخاصة إذا باشر مهمته دون حضورهم.

الملاحظة الثانية: أن طلب الرد يترتب عليه وقف الخبير عن مباشرة مأموريته لحين الفصل في الطلب، لكن الفقرة الثانية من المادة تتيح للنيابة العامة أن تأمر باستمرار الخبير في عمله تحت زعم توافر حالة الاستعجال، وهو ما يتنافى مع الفقرة الأول التي تتيح حق الخصوم في رد الخبير ويفرغها من جوهرها.

(32) المادة ١٠٣ من المشروع تم صياغتها لتتوافق مع المادة ٥٤ من الدستور، وتنص على إحاطة المتهم بحقوقه كتابة وبالتهمة المنسوبة إليه، ويثبت في المحضر ما قد يبديه في شأنها من أقوال، وأن يمكنه من الاتصال بذويه ومحاميه، وذلك بعد تنبيه إلى أن من حقه الصمت.

واختلف مع صياغة هذه المادة في محورين:

المحور الأول: أري أن صياغة ترتيب الحقوق على النحو الوارد بالمادة قد يفتح باب للتأويل والتفسير يضر بحقوق المتهم، ومن ذلك على سبيل المثال أن تمكن النيابة المتهم من المكالمة التليفونية بعد انتهاء التحقيق معه وليس قبل التحقيق، ولذلك اقترح أن تكون الصياغة على النحو التالي (.. ويحيطه بحقوقه كتابة، وبالتهمة المنسوبة إليه، وينبهه إلى أن من حقه الصمت، ويمكنه من الاتصال بذويه ومحاميه، ثم يثبت عضو النيابة في المحضر ما قد يبديه المتهم من أقوال في شأن التهم المنسوبة إليه…)

المحور الثاني: أن صياغة المادة لم تنص على جزاء بطلان التحقيقات حال مخالفة النيابة للضمانات الواردة في تلك المادة، وجميعها ضمانات دستورية لصيقة بحقوق وحريات المتهم، لذلك أقترح اضافة فقرة أخيرة لتلك المادة ترتب جزاء بطلان التحقيق حال مخالفة الضمانات الواردة في تلك المادة.

(33) المادة ١٠٥ تتيح عدم تمكين محامي المتهم من الاطلاع على التحقيق قبل الاستجواب أو المواجهة إذا رأت النيابة ذلك، فصياغة المادة تفتح الباب للنيابة لعدم تمكين المحامي من الاطلاع على التحقيقات قبل استجواب المتهم.

(34) المواد من 112 حتى 124 من المشروع تتناول تنظيم أوامر الحبس، وقد سبق اصدار المشروع حملة إعلامية بأن هناك انفراجه كبيرة في ملف الحبس الاحتياطي مما كان يوحى بتغيير جذري في تنظيم الحبس الاحتياطي، ولكن جاءت نصوص المشروع لتؤكد عدم وجود أي تغيير حقيقي في هذا الأمر، فقد كان من الأولى بالمشروع أن يجعل بدائل الحبس هي الأساس، والحبس الاحتياطي هو الاستثناء، لكن للأسف هذا لم يحدث وظل الحبس الاحتياطي هو الأساس وبدائل الحبس هي الاستثناء.

فضلاً على أنه لم يتم النص على السوار الإلكتروني كبديل عن الحبس الاحتياطي، وذلك حتى يتمكن المتهم من ممارسة حياته لحين التصرف في التحقيق بحفظه أو إحالته للمحاكمة.

(35) المادة 116 من المشروع تتيح لعضو النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل في تحقيق الجنايات في جرائم الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج والداخل، وجرائم المفرقعات، وجرائم الرشوة، وجرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر، أن يأذن بأمر مسبب لمدة لا تزيد على ثلاثين يوما بضبط الخطابات والرسائل والبرقيات والجرائد والمطبوعات والطرود والاتصالات السلكية واللاسلكية وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي ومحتوياتها المختلفة غير المتاحة للكافة، والبريد الالكتروني والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة على الهواتف والأجهزة أو أي وسيلة تقنية أخرى، وضبط الوسائل الحاوية لها، أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص.

ويجوز تجديد مدة مراقبة تلك الاتصالات (30 يوم) لمدة أو مدد مماثلة.

ويكون لأعضاء النيابة السالف بيانهم في الجرائم السالف بيانها عدا جرائم الرشوةسلطة القاضي الجزئي فيما يتعلق بسلطة الحبس الاحتياطي أي ان يصدر قرار بالحبس مدة لا تزيد على 15 يوما، ولا يزيد مجموعها عن 45 يوماً، وذلك على النحو الذي تنظمه المادة 120 من المشروع.

وتكون لهم سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة بشأن جرائم الإرهاب المنصوص عليها في المواد من 86 حتى 89 عقوبات، بشرط ألا تزيد مدة الحبس في كل مرة عن 15 عشر يوماً، وألا يزيد مجموعها عن خمسة أشهر على النحو الذي تنظمه المادة 123 من المشروع.

وإن أرادت النيابة زيادة مدد الحبس الاحتياطي عن السالف بيانها وجب عليها أن تعرض الأمر على المحكمة المختصة، والتي لها أن تصدر أمر بالحبس الاحتياطي في الجنايات لا تزيد مدته عن 45 يوماً، ولها أن تأمر بمدد أخرى بحيث لا تجاوز 4 أشهر في الجنح، و12 شهر في الجنايات، و18 شهر إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن أو الإعدام، وذلك كله على النحو الذي تنظمه المادة 123 من المشروع.

ويجوز لمحكمة الجنايات المستأنفة ولمحكمة النقض إذا كان الحكم صادراً بالإعدام أو السجن المؤبد أن تأمر بحبس المتهم احتياطياً لمدة 45 قابلة للتجديد لمدد أخرى بما لا يجاوز سنتين، وذلك كله على النحو الذي تنظمه المادة 124 من المشروع.

والملاحظ في المادة 116 من المشروع أنها:

(أ) خرجت على القواعد المنصوص عليها بالمادتين 79 و80 من المشروع والتي تشترط الحصول على إذن من القاضي الجزئي لمراقبة الاتصالات، حيث منحت أعضاء النيابة سلطة القاضي الجزئي بشأن الجرائم المحددة في المادة.

(ب) أنها منحت النيابة حق التسجيل دون حد زمني أقصى على نحو يتجاهل سبب مراقبة الاتصالات فهي بالأساس للكشف عن الجريمة بعد ارتكابها، وليست وسيلة لجمع التحريات والمعلومات قبل وقوع الجرائم، وهنا تبدو خطورة منح النيابة هذا الحق دون ضمانة عرضه على القاضي الجزئي واستصدار الإذن منه لكونها كانت ضمانة هامة لحماية حقوق المواطنين وحرياتهم وحرمة حياتهم الخاصة.

(ج)منحت أعضاء النيابة في شأن الجرائم المحددة بالمادة سلطات واسعة، والتي أضحت تجمع بين (سلطة التحقيقسلطة القاضي الجزئي في مراقبة الاتصالات ومدد الحبس الاحتياطيسلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة في شأن الحبس الاحتياطيسلطة الإحالةسلطة إصدار أوامر بالحبس الاحتياطي والتدابير الاحترازية لمدد التي تزيد على 5 أشهر والتي قد تصل بها إلى 18 شهر بالعرض على المحكمة المختصةسلطة المنع من السفر دون حد زمني أقصىسلطة التحفظ على الأموال دون حد زمنى أقصى بعد العرض على المحكمة المختصةسلطة مراقبة الاتصالات بكافة أنواعها وتسجيل الاجتماعات الخاصة دون حد زمنى أقصىاستمرار التحقيق بالقضية وعدم إلزامها بحد زمنى أقصى للتصرف فيها إما بالحفظ أو إحالتها للمحكمة).

والاقتراح هو إلغاء هذه المادة، وأن تعود الاختصاصات إلى قواعدها سواء القاضي الجزئي أو محكمة الاستئناف منعقدة في غرفة المشورة.

(36) المادة 119 تتيح للنيابة أن تمنع اتصال المحبوس احتياطيا بغيره من المحبوسين، وأن تمنع الزيارة عنه، دون الإخلال بحق المتهم في الاتصال بالمدافع عن المتهم دون حضور أحد.

قد يخشى عضو النيابة أن يتم افساد الأدلة من خلال اتصال المحبوس احتياطياً بغيره من المحبوسين أو بزويه، فأتاح لعضو النيابة أن يصدر أمر بمنعه من الاتصال بغيره من المحبوسين او منع الزيارة عنه دون محاميه.

وتعليقنا على هذه المادة أن لم تنص على حد أقصى زمني للذا المنع، لأن المتهم على هذا النحو سيكون سجين انفرادياً وغير مسموح له الحديث مع غيره بمكان الاحتجاز، كما أنه محروم من الزيارات وذلك يعرضه لأزمات نفسية وعصبية حادة ويعرض سلامته الجسمانية والصحية والنفسية للخطر، وخاصة أن مدد الحبس الاحتياطي قد تصل إلى سنتين، فيجب تعديل المادة على نحو يتيح تحقيق التوازن بين الاعتبارات المختلفة.

(37) المادة 120 من المشروع تلزم القاضي الجزئي عند تجديد الحبس الاحتياطي نص على سماع أقوال النيابة والمتهم.

وهو ما يجب تعديله إلى (.. سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم..) وذلك حتى لا يساء تطبيق النص بأن يتم الاستماع للمتهم ويكتفي القاضي الجزئي بذلك دون سماع دفاع المتهم.

(38) المادة 122 من المشروع تلزم محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة عند تجديد الحبس الاحتياطي نص على سماع أقوال النيابة والمتهم.

وهو ما يجب تعديله إلى (.. سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم..) وذلك حتى لا يساء تطبيق النص بأن يتم الاستماع للمتهم وتكتفي محكمة الجنح المستأنفة بذلك دون سماع دفاع المتهم.

(39) وعلى هذا النحو تكون أقصى مدة للحبس الاحتياطي في الجنح 4 أشهر، وفى الجنايات غير المعاقب عليها بالمؤبد والإعدام تكون أقصى مدة للحبس الاحتياطي 12 شهر، والجنايات المعاقب عليها بالمؤبد أو الإعدام 18 شهر، ولمحكمة الجنايات المستأنفة ولمحكمة النقض عند نظر حكم بالمؤبد أو الإعدام تكون أقصى مدة للحبس الاحتياطي سنتين.

ليتضح لنا أن الحدود القصوى في الجرائم السياسية لم تتغير إلا بشكل طفيف فكانت أقصي مدة في الجنح 6 أشهر، وفى الجنايات 18 شهر، وفى القضايا العائدة من محكمة النقض وكانت العقوبة المؤبد أو الإعدام سنتين.

(40) المواد من ١٤٣ حتى ١٤٩ تنظم إجراءات التحفظ على الأموال والوضع على قوائم منع السفر ترقب الوصول أو الرفع منهما.

وجميع النصوص لم تأتى بجديد فيما يتعلق بالتحفظ على الأموال أن يصدر النائب العام أمر وقتي بالتحفظ على الأموال في حالة الضرورة والاستعجال ويعرض على المحكمة المختصة خلال سبعة أيام والتي تستمع للمعروض ودفاعه، ويكون للمحكمة إلغاء أمر النائب العام أو تأييده ومن حق المعروض أن يتظلم كل ثلاثة أشهر.

وفيما يتعلق بالمنع من السفر والوضع على قوائم ترقب الوصول، حيث تم إضافة نصوص جديدة (١٤٧١٤٩) لتنظيم تلك الإجراءات، وأتاح المشروع للنائب العام مباشرة من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوي الشأن ولقاضي التحقيق المختص وضع المتهم الذي تتوافر أدلة كافيه على جدية اتهامه على هذه قوائم المنع من السفر وترقب الوصول لمدة سنة قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى.

والملاحظ أن المشروع منح النائب العام وقاضى التحقيق الرخصة في إصدار قرار المنع من السفر مباشرة لمدة عام دون أن يلزمه بعرض قراره على المحكمة الجنائية شأن الاجراءات المتبعة في التحفظ على الأموال، لكنه أتاح لمن يتم وضعه على هذه القوائم أن يتظلم منها كل ثلاثة أشهر.

وقرارات المنع من السفر والوضع على القوائم تسري لمدة عام ويمكن تجديدها لمدة مماثلة أو مدد أخرى الأمر الذي يوضح أن المشروع لم يضع حد زمني تنتهي فيه هذه الإجراءات، بل تصبح سارية إلا إذا قررت النيابة إلغائها أو قررت المحكمة الجنائية المختصة الاستجابة للتظلم الذي يرفعه المتحفظ عليه أو الممنوع من السفر.

وهذه الاجراءات التحفظية شديدة الخطورة ولها أثر بالغ على حياة ومستقبل المتهم وأسرته، وبما أنه لم يصدر حكم ضده بإدانته، فيجب التعامل على هذه الإجراءات أنها استثنائية، ومن ثم يجب أن يضع المشرع سقف زمني موضوعي لها يراعى فيه حقوق المتهم وأسرته.

والواقع العملي يؤكد وجود حالت ظلت ممنوعة من السفر أو التصرف في أموالها لسنوات رغم أنه لم يصدر أي حكم ضدها، بل وتم حفظ التحقيقات بشأنها، وتعرضوا لضرر كبير بسبب انهيار القوة الشرائية للجنيه، وحرموا أبنائهم من فرص العلاج والتعلم بسبب حرمانهم من حق السفر، أو عجزهم عن دفع المصروفات التحفظ على أموالهم.

(41) التناقض الواضح بين نص المادة ١٦٩ والمادة ١٧٠ من المشروع في شأن تنظيمها لاستئناف أوامر الحبس الاحتياطي، ومده، والإفراج المؤقت.

فالمادة ١٦٩ تنص على أنه: “يتعين الفصل في استئناف أوامر الحبس الاحتياطي أو مده أو الإفراج المؤقت خلال ٤٨ ساعة من تاريخ رفع الاستئناف وإلا وجب الإفراج عن المتهم إذا كان الاستئناف على قرار الإفراج المؤقت

في حين نصت الفقرة الأخيرة من المادة ١٧٠ على: “وإذا لم يفصل في الاستئناف خلال ثلاثة أيام من تاريخ التقرير به وجب تنفيذ الأمر بالإفراج فوراً

وهو ما يستدعى توحيد المدة التي يجب فيها الإفراج على المتهم حال عدم الفصل في الاستئناف إما على ٤٨ ساعة من تاريخ التقرير بالاستئناف أو على ٣ أيام من التاريخ سالف الذكر.

(42) القصور البين في شأن إشكالات تنفيذ الأوامر الجنائية،

فالأوامر الجنائية قد تصدر من النيابة العامة أو القاضي، والمادة ٣٣١ من المشروع تنظم إشكالات تنفيذ تلك الأوامر، حيث نصت المادة على أن يقدم الإشكال في التنفيذ للقاضي الذي أصدره، ولم توضح المادة ما هي الجهة التي يقدم لها إشكال في التنفيذ إذا كان الأمر الجنائي صادراً من النيابة العامة.

مما يستدعى معالجة هذا القصور وإيضاح الجهة التي يقدم لها إشكال التنفيذ على الأمر الجنائي إذا كان الأخير صادراً من النيابة العامة.

(43) في شأن حساب أجر أيام العمل للمنفعة العامة

فالمادة ٤٦٥ تتيح “…إلزام المحكوم عليه بعمل للمنفعة العامة لتحصيل المبالغ الناشئة عن الجريمة المقضي بها للدولة ضد مرتكب الجريمة، وذلك بتشغيله في عمل للمنفعة العامة باعتبار يوم واحد عن كل خمسين جنيه أو أقل

وهو ما ذهبت اليه أيضا المادة ٤٦٢ من المشروع أن تعويض اليوم في الحبس الاحتياطي يوازى خمسين جنيه عند حساب الفارق بين الغرامة التي يسددها وحساب أيام الحبس الاحتياطي.

وكذلك المادة ٤٧٢ من المشروع في شأن إبراء الذمة من الغرامة المحكوم بها أو المصاريف ورد التعويضات بتنفيذ الالتزام بعمل للمنفعة العامة، إلا باعتبار خمسين جنيها عن كل يوم عمل.

بما يفيد أن المشروع يجعل أجر يوم العمل للمنفعة العامة أو الحبس الاحتياطي بما يوازى ٥٠ جنيه أو أقل، وهو ما يتعارض مع الحد الأدنى للأجور الذى حدده رئيس الجمهورية فى فبراير ٢٠٢٤ ، والمقدر ب ٦ آلاف جنيه في الشهر بما يفيد أن الحد الأدنى لأجر اليوم الواحد وفقا للقانون المصري هو ٢٠٠ جنيه، الأمر الذى يستدعى تعديل نصوص المشروع ليتوافق أجر يوم العمل للمنفعة العامة مع الحد الأدنى للأجور، ويفضل ألا يحدد القانون مبلغ معين بل يربطه بالحد الأدنى للأجر المعلن من الدولة وقت تنفيذ الالتزام أو حساب الفارق بين الغرامة الملزم بتسديدها وأيام الحبس الاحتياطي .

(44) المادة ٢٤٢ تتيح إذا وقع من المحامي أثناء قيامه بواجبه في الجلسة أو بسببه ما يمكن اعتباره تشويشا مخلا بالنظام أو ما يستدعي مؤاخذته جنائيا أن يحرر محضر بذلك ويحيل المحامي للنيابة.

وعلى هذا النحو يمكن اعتبار أي نقاش أو سجال بين المحكمة والمحامي أثناء تأدية واجبه أو بسببه (تشويشا) يعرضه للإحالة للنيابة للتحقيق معه، فضلا على أن مصطلح (تشويش) واسع ومطاط وليس له ضابط موضوعي ويمنح القاضي سلطة واسعة في إمكانية النيل من المحامي، وتتعارض تلك الصياغة مع قانون المحاماة وضمانات ممارسة المحامي لمهنته.

(45) المادة ٢٧٤ تتيح للمحكمة وقف المتهم ومحاميه عن الكلام تحت زعم أن استرسال لا مبرر له، وهو ما يمثل عدوان صارخ علي جوهر فكرة المحاماة، فالمحامي فقط هو الذي يحدد استراتيجية دفاعه وطريقتها وليس للقاضي أن يمنعه تحت زعم أن ذلك استرسال، للقاضي بعد أن ينتهي المحامي من مرافعته أن يستجيب لها أو لجزء منها أو يلتفت عنها ويوضح مبررات موقفه في حيثيات حكمه فقط.

(46) المواد من ٥١٧ حتى ٥٢٢ والفقرة الأخيرة من المادة ٥٢٦ بشأن حماية الشهود والمُبلغين تفتح الباب لعدم سماع الدفاع أو مناقشته لشهود الإثبات في شأن شهادتهم التي قد تكون سبباً في الحكم على المتهم تحت زعم حماية الشهود، وتجعل الأمر جوازي لمحكمة الموضوع، والنص جاء عاماً ولم يستثنى رجال الضبط القضائي المكلفين بإنفاذ القانون ورجال الخبرة الفنية الذين قدموا رأى فنى فيها، فإذا كان هناك ضرورة لحماية المُبلغ أو الشهود من المواطنين العاديين، فيجب أن يُستثنى من هذا النص رجال الضبط الذين قاموا بالقبض على المتهم، وجمعوا التحريات عنه، وحرروها، وكذلك كل شهود الخبرة التي يتم الاستعانة بهم للفصل في المسائل الفنية.

فمن غير المنطقي حرمان المتهم ودفاعه من سماع شهادة ومناقشة من صنعوا القضية، وقدموا رأى فيها تحت زعم حماية الشهود.

فماذا تبقى من حقوق الدفاع، فالمشروع لا يلزم النيابة بتمكين المحامي من الاطلاع على التحقيقات، وليس هناك نص ملزم بحصوله على صورة من القضية عند إحالتها للمحكمة، ولا يتكلم الدفاع أثناء التحقيقات إلا بإذن، ويقتصر الحديث عن الدفوع والطلبات، ثم يفاجئ في المحكمة بأنه قد يُحرم من سماع شهود الاثبات ومناقشتهم… الخ فماذا تبقى من حقوق الدفاع.

(47) المادة ٥٢٣ بشأن تعويض الحبس الاحتياطي، تضع عدد من الشروط حتى يتم استحقاق صرف هذا التعويض وأغلبها شروط تفرغ الحق من مضمونه، وتجعل الحصول على هذا التعويض أمراً نادراً، ومن أمثلة هذه الشروط:

(أ) في حالة صدور أمر نهائي من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى لا تستحق التعويض إلا إذا كان الأمر استند فقط إلى عدم صحة الواقعة، ومن ثم إذا كان الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى بسبب آخر شأن عدم كفاية الأدلة فلا يستحق المحبوس احتياطيا أي تعويض مهما بلغت مدة حبسه.

(ب)إذا صدر حكم نهائي وبات بالبراءة فلا تستحق التعويض إلا إذا كان الحكم مبنى على أن الواقعة غير معاقب عليه، أو أن الواقعة غير صحيحة، ومن ثم فإذا صدر حكم البراءة استنادا إلى أي سبب آخر فلا تستحق التعويض مهما بلغت مدته، ومن ذلك على سبيل المثال إذا حكم البراءة تأسس على توافر أسباب الإباحة التي تدفعك للقيام بهذا الفعل فلا تستحق تعويض شأن لو كنت تسير بالشارع وقام عدد الاشقياء بالاعتداء عليك بالضرب، وتمكنت من مقاومة هذا الاعتداء بل وتمكنت من ضربهم، وحضرت الشرطة وقبضت عليكم جميعاً والنيابة قررت إحالتكم جميعاً للمحاكمة لكن المحكمة عند الحكم قدرت أنك كنت في حالة من حالات الدفاع الشرعي عن النفس وأنك لست البادئ بالاعتداء ومنحتك براءة فلا تحصل على تعويض الحبس الاحتياطي مهما كانت مدتها.)

(48) المواد من ٥٢٥ حتى ٥٣٢ تنظم إجراءات التحقيق والمحاكمة عن بُعد.

قد يكون من المقبول وضع نصوص لتجديد الحبس الاحتياطي عن بُعد وخاصة أنه قد جرى العمل به من أيام انتشار وباء كورونا ودون وجود نص بالقانون يتيح مثل هذا الإجراء.

لكن التحقيق مع المتهم واستجوابه والمحاكمة الجنائية لا يتصور أن تكون عن بُعد أو عبر وسائط إلكترونية فقد يتحقق ذلك في الدعاوى الاقتصادية، أو العمالية، أو المدنية، أو التجارية لكن لا يتصور ذلك في القضاء الجنائي والذي يقوم على عقيدة القاضي وحضور المتهم بشخصه أمام القاضي أمر ضروري وجوهري لتكوين عقيدته عن المتهم.

فضلاً على وجود المحكمة في مكان والمتهم في مكان آخر يستلزم تواجد المحامي في نفس المكان الذي يتواجد فيه المتهم وهو ما يعنى انتقال مقر عمل المحامين من النيابات والمحاكم إلى أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز ومراكز الإصلاح والتأهيل والتي أصبحت منتشرة على أطراف المدن الجديدة مما يجبر المحامين ترك النطاق الجغرافي لعملهم، وكل ذلك فضلاً عن المعوقات التي سيواجهها المحامين في الدخول إلى مقار الاحتجاز ومراكز التأهيل.

وأضف لذلك أن تطوير آليات التقاضي باستخدام التكنولوجيا الحديثة لا يجب أن يقتصر عن تجديد الحبس عن بُعد، بل يجب أن يطول آليات الدفاع، بأن يتم تسجيل كافة الجلسات العلنية بالصوت والصورة، وكافة الإجراءات العلنية التي تتم عن بُعد ويتم تمكين المحامي ودفاعه من الحصول على نسخة من هذا الفيديو المتعلق بجلسته، ويكون هذا الفيديو مكمل ومتمم لمحضر الجلسة.

1 الدكتور أحمد فتحي سرور- الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية – الأحكام العامة- الكتاب الأول- الطبعة العاشرة- دار النهضة العربية- 2016

2 ) راجع حكم الدستورية العليا رقم 10 لسنة 18 قضائية دستوريةجلسة 16 نوفمبر 1996

3 ) راجع الدكتور عوض المرمرجع سابق – ص 251

4 ) راجع الدكتور عوض المرمرجع سابقص251

5 ) راجع المستشار الدكتور عوض المرمرجع سابقص 247

6 ) راجع الدكتور عوض المرمرجع سابقص 248

7 ) المستشار الدكتور- سري صبام- الحبس الاحتياطي في التشريع المصرى في ظل الضمانات المستحدثة بالقانون 145 لسنة 2006- دار الشروق
8 ) راجع المستشار الدكتور عوض المر- الرقابة القضائية على دستورية القوانين فى ملامحها الرئيسية-صادر عن مركز رينيه جان دبوى للقانون والتنمية- ص 182
9 ) مرجع سابق الدكتور عوض المر- ص 182
10 ) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا رقم 23 لسنة 15 قضائية دستورية جلسة 5 فبراير 1994
11 ) راجع د عبد الرءوف المهدى – الحبس الاحتياطي في ضوء أحكام القانون 145 لسنة 2006، والقانونين رقمي 74 و 153 لسنة 2007- بحث منشور في مجلة نادى القضاة- ص 65
12 ) راجع المستشار عبد العزيز محمد في تقديمه لمجموعة المبادئ القانونية لمحكمة النقض في ربع قرن
13 ) مرجع سابق- الدكتور أحمد فتحي سرور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *